ثم قال تعالى : { وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه } [ 23 ] .
قال ابن عباس : قضى معناه : أمر{[40699]} . وفي حرف عبد الله " ووصى ربك " وكذلك قرأها الضحاك{[40700]} و[ ال ]معنى{[40701]} أمر أن تفردوه بالعبادة فلا تجعلوا له شريكا .
ثم قال : { وبالوالدين إحسانا } [ 23 ] .
أي : وأمركم أن تحسنوا بالوالدين إحسانا ومعنى " بالوالدين " إلى الوالدين .
وقوله : { إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما } [ 23 ] .
من{[40702]} وحد يبلغن{[40703]} فلأنه فعل مقدم فاعله { أحدهما }{[40704]} . ومن أظهر ضمير اثنين{[40705]} فلأنه تقدم ذكر الوالدين فثناهما لتقدم ذكرهما قبل الفعل . ويكون أحدهما مبتدأ وكلاهما معطوف عليه والخبر محذوف{[40706]} . وقيل : أن أحدهما أو كلاهما بدل من المضمر في يبلغن{[40707]} .
ثم قال [ تعالى ]{[40708]} : { فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما } [ 23 ]/ .
في " أف " / سبع لغات{[40709]} : أف بالفتح وأف بالكسر ، [ و " أف " ، بالكسر ]{[40710]} والتنوين . فهذه ثلاث قرئ{[40711]} بهن{[40712]} وأربع لم يقرأ بهن وهن : أفا{[40713]} بالنصب والتنوين أف بالضم والتنوين وأف بالضم غير منون . وحكى الأخفش : " أفي " بالياء{[40714]} .
فمن فتح أو ضم أو كسر حركة لالتقاء{[40715]} الساكنين . ومن فتح ونون اعمل الفعل فيه كما تقول : ما قلت أفا ولا تفا . ومن كسر ونون كسر لالتقاء{[40716]} الساكنين وشبهه بالأصوات فنونه{[40717]} .
وقيل أن من نونه جعله نكرة ، معناه : لا تقل لهما قبيحا من القول . ومن لم ينونه جعله معرفة معناه : لا تقل لهما القبيح من القول{[40718]} .
وقيل [ المنون ]{[40719]} منه وغير المنون سواء ، وإنما يكون التنوين فرقا بين المعرفة والنكرة فيما جاء ناقصا على حرفين نحو مه وصه ، ولكن شبه هذا بما جاء على حرفين من هذه فنون على التشبيه لأنه يعطى ذلك للمعنى من التعريف والتنكير .
ومن ضم حركة لالتقاء الساكنين . و[ من{[40720]} ] خصه بالضم على التشبيه بقبل وبعد . وقيل : ضم على الاتباع لضمة{[40721]} الهمزة كما تقول : مد . فتضم الدال اتباعا لضمة الميم{[40722]} .
ومن نون المضموم فعلى القولين الأولين : على التشبيه بالأصوات [ أو ]{[40723]} للفرق بين المعرفة والنكرة . واستبعد الأخفش التنوين مع الضم . قال : لأنه ليس معه لام{[40724]} . كأنه يقدره إذا رفعه ونونه مرفوعا{[40725]} بالابتداء . كما يقال : قيل : ويل له . وقال في نصبه بالتنوين : إنه مثل : تعسا له{[40726]} .
ومعنى : { فلا تقل لهما أف } [ 23 ] أي : أن يبلغا عندك من الكبر ما يحدثان عندك من الضعف تحتهما ، فلا تقذرهما حين ترى الأذى . ولكن تم[ ي{[40727]} ]ط عنهما ذلك كما كانا يميطان[ ه ]{[40728]} عنك صغيرا ، قاله مجاهد{[40729]} .
وقيل معناه : لا تستثقلهما{[40730]} ولا تغلظ عليهما في القول ولا تتبرم عليهما{[40731]} . و[ أ ]صل{[40732]} هذا : أن الإنسان إذا وقع عليه غبار أو شيء فتأذى به نفخه فقال : " أف " وقيل الأف : وسخ الأظفار . والتف الشيء الحقير ، نحو وسخ الأذن{[40733]} . والأول أشهر وأعرف .
وقوله : { ولا تنهرهما } [ 23 ] .
[ أي ]{[40734]} : ولا تضجر عليهما وتصح{[40735]} . وقال عطاء : لا تنفض يديك على والديك{[40736]} .
{ وفل لهما قولا كريما } [ 23 ] ، قال ابن جريج : أحسن ما تجد من القول{[40737]} .
وعن عمر ابن الخطاب [ رضي الله عنه ]{[40738]} أنه قال : لا تمتنع من شيء يريدانه{[40739]} . وقال قتادة : { قولا كريما } سهلا لينا{[40740]} . وقال{[40741]} ابن المسيب : هو قول العبد المذنب الذليل للسيد الفظ{[40742]} الغليظ{[40743]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.