التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{۞وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّآ إِيَّاهُ وَبِٱلۡوَٰلِدَيۡنِ إِحۡسَٰنًاۚ إِمَّا يَبۡلُغَنَّ عِندَكَ ٱلۡكِبَرَ أَحَدُهُمَآ أَوۡ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَآ أُفّٖ وَلَا تَنۡهَرۡهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوۡلٗا كَرِيمٗا} (23)

قوله تعالى { وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا }

وأخرج الطبري بسنده الجيد طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس :

{ وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه } ، يقول : أمر .

وأخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله : { وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه } : أي أمر ربك في ألا تعبدوا إلا إياه ، فهذا قضاء الله العاجل ، وكان يقال في بعض الحكمة : من أرضى والديه : أرضى خالقه ، ومن أسخط والديه ، فقد أسخط ربه .

قال الطبري : حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا يحيى بن عيسى ، قال : ثنا نصير بن الأشعت قال : ثنى ابن حبيب ابن أبي ثابت ، عن أبيه . قال : أعطاني ابن عباس مصحفا ، فقال : هذا على قراءة أُبَي بن كعب قال أبو كريب : قال يحيى : رأيت المصحف عند نصير فيه { ووصى ربك } يعني : وقضى ربك .

ورجاله ثقات إلا يحيى بن عيسى صدوق ، وابن حبيب هو عبد الله ، وسنده حسن .

قال الشيخ الشنقيطي : وقوله جل وعلا في الآيات المذكورة : { وبالوالدين إحسانا } بينه بقوله تعالى { إما يبلغن عندك الكبر أحداهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا } لأن هذا من الإحسان إليهما المذكور في الآيات أ . ه .

وقد وردت عدة أحاديث ثابتة في بر الوالدين والإحسان إليهما :

أخرج البخاري بسنده أن ابن مسعود سأل النبي صلى الله عليه وسلم : أي العمل أحب إلى الله عز وجل ؟ قال : " الصلاة على وقتها " قال : ثم أي ؟ قال : " بر الوالدين " ، قال : ثم أي ؟ قال : " الجهاد في سبيل الله " .

( الصحيح -الأدب- باب البر والصلة رقم5970 ) .

وأخرج مسلم بسنده عن أبي هريرة قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من أحق الناس بحسن صحابتي ؟ قال : " أمك " قال : ثم من ؟ قال : " ثم أمك " قال : ثم من ؟ قال : " ثم أمك " قال : " ثم أمك " قال : ثم من ؟ قال : " ثم أبوك " .

( الصحيح-كتاب البر والصلة والآداب ، ب بر الوالدين رقم2548 ) .

وأخرج مسلم بسنده عن عبد الله بن عمرو قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستأذنه في الجهاد ، فقال : أحي والدك " ؟ قال : نعم قال : " ففيهما فجاهد " .

المصدر السابق رقم2549 .

أخرج مسلم بسنده عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " رَغِمَ أنف ثم رَغِمَ أنف ثم رَغِمَ أنف " قيل من ؟ يا رسول الله ! قال : من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة " .

( الصحيح الكتاب السابق رقم2551 ) .

والإحسان إلى الوالدين مطلوب حتى ولو كانا مشركين ، وقد عقد البخاري بابا بعنوان ، باب صلة الوالد المسلم وساق حديثا بسنده عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت : أتتني أمي راغبة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم آصلها قال : نعم .

( الصحيح-الأدب-رقم5978 ) .

قوله تعالى { وقل لهما قولا كريما }

أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة { وقل لهما قولا كريما } : أي قولا لينا سهلا .