النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{۞وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّآ إِيَّاهُ وَبِٱلۡوَٰلِدَيۡنِ إِحۡسَٰنًاۚ إِمَّا يَبۡلُغَنَّ عِندَكَ ٱلۡكِبَرَ أَحَدُهُمَآ أَوۡ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَآ أُفّٖ وَلَا تَنۡهَرۡهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوۡلٗا كَرِيمٗا} (23)

قوله عز وجل : { وقضى ربُّك ألاّ تبعدوا إلاّ إياه } معناه وأمر ربك ، قاله ابن عباس والحسن وقتادة . وكان ابن مسعود وأبيّ بن كعب يقرآن : { ووصى ربك } ، قاله الضحاك ، وكانت في المصحف : { ووصى ربك } لكن ألصق الكاتب الواو فصارت { وقضى ربك{[1788]} } .

{ وبالوالدين أحساناً } معناه ووصى بالوالدين إحساناً ، يعني أن يحسن إليهما بالبر بهما في الفعل والقول .

{ إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما } فيه وجهان :أحدهما : يبلغن كبرك وكما عقلك . الثاني : يبلغان كبرهما بالضعف والهرم .

{ فلا تقل لهما أفٍّ } يعني حين ترى منهما الأذى وتميط عنهما الخلا ، وتزيل عنهما القذى فلا تضجر ، كما كانا يميطانه عنك وأنت صغير من غير ضجر . وفي تأويل { أف } ثلاثة أوجه :

أحدها : أنه كل ما غلظ من الكلام وقبح ، قاله مقاتل . الثاني : أنه استقذار الشيء وتغير الرائحة ، قاله الكلبي . الثالث : أنها كلمة تدل على التبرم والضجر ، خرجت مخرج الأصوات المحكية . والعرب أف وتف ، فالأف وسخ الأظفار ، والتُّف ما رفعته من الأرض بيدك من شيء حقير{[1789]} .

{ وقل لهما قولاً كريماً } فيه وجهان :أحدهما : ليناً . والآخر : حسناً . قال ابن عباس : نزلت هذه الآية والآية التي بعدها في سعد بن أبي وقاص .


[1788]:أنكر أبو حاتم هذا النقل واعتبره منفذا للزنادقة للطعن في المصحف (القرطبي) وهو قراءة شاذة من قبيل التفسير، ولا تخفى العناية بنقل القرآن شفويا وضبطه كتابيا بالتواتر.
[1789]:وقيل: الآلف والتف وسخ الأظفار. وقال بعضهم: معنى أف الاحتقار والاستقلال، مأخوذ من الأفف وهو القليل، وقال أبو عمرو بن العلاء: آلاف: وسخ بين الأظفار، والتف قلامتها. وقال الأصمعي: الأف وسخ الأذن، والتف وسخ الأظفار.