معاني القرآن للفراء - الفراء  
{تُسَبِّحُ لَهُ ٱلسَّمَٰوَٰتُ ٱلسَّبۡعُ وَٱلۡأَرۡضُ وَمَن فِيهِنَّۚ وَإِن مِّن شَيۡءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمۡدِهِۦ وَلَٰكِن لَّا تَفۡقَهُونَ تَسۡبِيحَهُمۡۚ إِنَّهُۥ كَانَ حَلِيمًا غَفُورٗا} (44)

وقوله : { تُسَبِّحُ لَهُ السَّماوَاتُ السَّبْعُ44 } أكثر القراء على التاء . وهي في قراءة عبد الله ( سَبَّحتْ له السموات السبع ) فهذا يقوِّى الذين قرءوا بالتاء . ولو قرئت بالياء لكان صواباً ؛ كما قرءوا { تَكَادُ السَّمَوَاتْ } و { يَكُاد } .

وإنما حَسُنت الياء لأنه عدد قليل ، وإذا قلَّ العدد من المؤنّث والمذكر كانت الياء فيه أحْسَن من التاء قال الله عَزّ وَجَلَّ في المؤنّث القليل { وَقَالَ نِسْوَةٌ في المَدِيِنَةِ } ، وقال في المذكَّر { فإذا انْسَلَخَ الأشْهُرُ الحُرُمُ } فجاء بالتذكير . وذلك أن أوَّل فعل المؤنث إذا قلَّ يكون باليَاء ، فيقال : النسوة يقمن 100ب . فإذا تقدّم الفعل سقطت النون من آخره لأن الاسم ظاهر فثبت الفعل من أوّله على الياء ، ومن أنّث ذهب إلى أن الجمع يقع عليه ( هذه ) فأنَّث لتأنيث ( هذه ) والمذكر فيه كالمؤنّث ؛ ألا ترى أنك تقول : هذه الرجال ، وهذه النساء . حدّثنا محمد قال حدثنا الفراء قال : حدثني قيس بن الربيع عن عَمار الدُهْنِيّ عن سعيد بن جُبَير قال : كل تَسْبيح في القرآن فهو صلاة ، وكلّ سلطان حُجّة ، هذا لقوله { وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ } .

وقوله : { عِظَاما وَرُفَاتاً } : الرُّفَات : التراب لا واحد له ، بمنزلة الدُقَاق والحُطَام .