إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{تُسَبِّحُ لَهُ ٱلسَّمَٰوَٰتُ ٱلسَّبۡعُ وَٱلۡأَرۡضُ وَمَن فِيهِنَّۚ وَإِن مِّن شَيۡءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمۡدِهِۦ وَلَٰكِن لَّا تَفۡقَهُونَ تَسۡبِيحَهُمۡۚ إِنَّهُۥ كَانَ حَلِيمًا غَفُورٗا} (44)

{ تُسَبّحُ } بالفَوقانية ، وقرئ بالتَّحتانية ، وقرئ سبّحت { لَهُ السماوات السبع والأرض وَمَن فِيهِنَّ } من الملائكة والثقلين ، على أن المرادَ بالتسبيح معنًى منتظمٌ لما ينطِق به لسانُ المقال ولسانُ الحال بطريق عمومِ المجاز { وَإِن مّن شَيء } من الأشياء حيواناً كان أو نباتاً أو جماداً { إِلاَّ يُسَبّحُ } ملتبساً { بِحَمْدِهِ } أي ينزِّهه تعالى بلسان الحالِ عما لا يليق بذاته الأقدسِ من لوازم الإمكانِ ولواحقِ الحدوثِ ، إذ ما من موجود إلا وهو بإمكانه وحدوثِه يدل دَلالةً واضحة على أن له صانعاً عليماً قادراً حكيماً واجباً لذاته قطعاً للسَّلْسلة { ولكن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ } أيها المشركون لإخلالكم بالنظر الصحيحِ الذي به يفهم ذلك ، وقرئ لا يُفَقَّهون على صيغة المبني للمفعول من باب التفعيل { إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا } ولذلك لم يعاجلْكم بالعقوبة مع ما أنتم عليه من موجباتها من الإعراض عن التدبر في الدلائل الواضحةِ الدالةِ على التوحيد ، والانهماك في الكفر والإشراكِ { غَفُوراً } لمن تاب منكم .