بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{تُسَبِّحُ لَهُ ٱلسَّمَٰوَٰتُ ٱلسَّبۡعُ وَٱلۡأَرۡضُ وَمَن فِيهِنَّۚ وَإِن مِّن شَيۡءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمۡدِهِۦ وَلَٰكِن لَّا تَفۡقَهُونَ تَسۡبِيحَهُمۡۚ إِنَّهُۥ كَانَ حَلِيمًا غَفُورٗا} (44)

قوله : { تُسَبّحُ لَهُ السموات **السبع والأرض وَمَن فِيهِنَّ } من الخلق ؛ { وَإِن مّن شَىْء إِلاَّ يُسَبّحُ بِحَمْدَهِ } ، أي ما من شيء إلا يسبح بأمره وبعلمه ؛ { ولكن لا تفقهون تسبيحهم } وقال الكلبي : كل شيء ينبت يسبح من الشجر وغير ذلك ، فإِذا قطع منه صار ما قطع منه ميتاً لا يسبح ؛ وقال قتادة : كل شيء فيه الروح يسبح من شجر أو غيره ؛ وقال السدي : ليس شيء في أصله الأول إلا وهو يسبح .

وروي عن الحسن أنه قيل له : أيسبح هذا الخوان ؟ قال : كان يسبح في شجره ، فأَمَّا الآن فلا . ويقال : إذا قطع الشجر ، فإِنه يسبح ما دام رطباً ، بدليل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه مرَّ بقبرين ، فقال : « إنَّهُمَا لَيُعَذَّبانِ في القَبْرِ ، ومَمَا يُعَذَّبَانِ بِكَبِيرَةٍ . فَأَمَّا أَحَدَهُمَا كَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ ، وَأمَّا الآخَرُ فَكَانَ لا يَسْتَنْزِهُ عن البَوْلِ » .

ثم أخذ جريدتين من شجر ، وغرس إحداهما في قبر والأُخرى في قبر الآخر ، فقال : « لَعَلَّهُمَا لا يُعَذَّبَانِ ما دَامَتَا رَطْبَتَيْنِ » . قال الحكماء : الحكمة في ذلك أنهما ما دامتا رطبتين تسبحان الله تعالى ، ويقال : معناه ما من شيء إلا يسبح بحمده ، ويقال : معناه وإن من شيء يسبح بحمده ، إلا يدل على وحدانية الله تعالى ، ويسبحه وأن الله خالقه .

{ ولكن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ } ، يعني : أثر صنعه فيهم ، ولكن هذا بعيد . وهو خلاف أقاويل المفسرين ، ثم قال : { إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا } ، حيث لم يجعل العقوبة لمن اتخذ معه آلهة . { غَفُوراً } لمن تاب منهم .