ثم قال تعالى : { يسبح له السماوات السبع } [ 44 ] .
أي : تنزهه{[41080]} من السوء الذي وصفه به المشركون و " من فيهن " ، يعني : من في السماوات والأرض من الملائكة والجن والإنس{[41081]} .
ثم قال : { وإن من شيء إلا يسبح بحمده } [ 44 ] .
روى جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ألا أخبركم بشيء أمر به نوح ابنه ؟ إن{[41082]} نوحا قال لابنه : " يا بني آمرك [ أن تقول سبحان الله بحمده " فإنها صلاة{[41083]} ] الخلق وتسبيح الخلق وبها يرزق الخلق ، قال الله [ عز وجل{[41084]} ] : { وإن من شيء إلا يسبح بحمده } [ 44 ]{[41085]} .
وعن النخعي أنه قال : الطعام : يسبح{[41086]} . وقال قتادة : كل شيء فيه روح يسبحن شجرة وغيرها{[41087]} .
وقيل معنى ذلك : أن ما من شيء إلا يدل على توحيد الله وينزهه من السوء ، فذلك تسبيحه .
وقال الحسن : كل شيء فيه روح يسبح بحمده{[41088]} .
{ ولكن لا تفقهون تسبيحهم } [ 44 ] أي : لا تعقلون ذلك .
وروى معاذ بن محمد الأنصاري أن النبي عليه السلام قال : " لا تقتلوا الضفادع فإنه ليس الله [ عز وجل{[41089]} ] خلق أكثر تسبيحا منها " {[41090]} .
وذكر أبو عبيد أن داوود صلى الله عليه وسلم بات داعيا لربه [ عز وجل{[41091]} ] ومصليا حتى أصبح فذهب إلى نهر ليتوضأ ، فقال : الحمد لله لقد عبدت الله الليلة عبادة ما عبده أحد مثلها من أهل الأرض . فكلمته ضفدع من الماء فقالت له : كلا{[41092]} يا أبا سليمان ، فوالله إنه لي ثلاثا من الدهر ما جمعت [ ما{[41093]} ] بين فقمي تسبيحا الله [ عز وجل{[41094]} ] .
واختلف الناس في تسبيح الموات كالجبال والحيطان [ وشبه ذلك{[41095]} ] : فقال قوم : تسبيح ذلك ما فيه من دلالة على خالقه ومشيئته ، ومنه قوله : { وإن منها لما يهبط من خشية الله }{[41096]} : يعني : يتبين في ظاهره من قدرة الله [ عز وجل{[41097]} ] على خلقه ما يضاهي الخشية لله والإقرار{[41098]} بقدرته .
وقال آخرون : تسبيح الموت أنها تدعو الناظر إليها والمتأمل لخلقها{[41099]} إلى تسبيح الله [ تعالى ]{[41100]} والنطق بعظمته . فنسب التسبيح إلى الموات لما كانت تنسبه .
كما قالت العرب له : إبل تنطق{[41101]} الناس أي إذا نظروا إليها نطقوا تعجبا منها ، من كثرتها ، فقالوا سبحان الله ! ما أكثرها ! ما أحسنها !
و[ قال{[41102]} ] آخرون وهم أصحاب الحديث وكثير من العلماء . الأشياء كلها تسبح ، الموات وغيره ، والله [ عز وجل{[41103]} ] يعلم تسبيح كل صنف منها ، وقد كلمت الحجارة والأشجار والجمادات الأنبياء [ عليهم السلام ، وكذلك البهائم كلمت الأنبياء وكلمت من كان في عهد الأنبياء . والروايات بذلك{[41104]} كثيرة مشهورة . وهذا باب يتسع{[41105]} فيه الكلام لكثرة الشواهد{[41106]} عليه .
ثم قال تعالى : { إنه كان حليما غفورا } [ 44 ]{[41107]} .
أي : حليما لا يعجل على خلقه المفترين عليه . " غفورا " أي : ساتر [ ا{[41108]} ] لذنوب من آمن [ به{[41109]} ] منهم{[41110]} . قال قتادة : حليما : أي : لا يعجل كعجلة بعضهم على بعض{[41111]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.