معاني القرآن للفراء - الفراء  
{وَٱلَّذِينَ إِذَآ أَنفَقُواْ لَمۡ يُسۡرِفُواْ وَلَمۡ يَقۡتُرُواْ وَكَانَ بَيۡنَ ذَٰلِكَ قَوَامٗا} (67)

وقوله : { وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُواْ لَمْ يُسْرِفُواْ وَلَمْ يَقْتُرُواْ67 }

بكسر التاء . قرأ أبو عبد الرحمن وعاصم ( ولم يُقْتِروا ) من أقترت . وقرأ الحسنَ ( وَلَمْ يَقْتِرُوا ) وهي من قَتَرت ؛ كقول مَنْ قرأ يَقْتُروا بضم الياء . واختلافهما كاختلاف قوله { يَعرِشُونَ } و{ يَعْرُشُونَ } و { يَعْكِفُونَ } و { يعكُفونَ } وَمَعْناه { لم يُسْرِفُواْ } فيجاوزوا في الإنفاق إلى المعصية ( ولم يقتروا ) : لم يقصروا عما يجب عليهم ( وكان بين ذلك قواما ) ففي نصب القوام وجهان إن شئت نصبت القوام بضمير اسمٍ في كان ( يكون ذلك الاسم من الإنفاق ) أي وكان الإنفاق { قَوَاما بَيْنَ ذَلِكَ } كقولك : عدلاً بينَ ذلك أي بينَ الإسراف والإقتار . وإن شئت جَعَلْتَ ( بين ) في معنى رفعٍ ؛ كما تقول : كان دونَ هّذَا كافياً لك ، تريد : أقلُّ من هذا كان كافياً لك ، وتجعَل { وكان بينَ ذلك } كان الوسَطُ من ذلكَ قَوَاما . والقوَام قَوَام الشيء بين الشيئين . ويقال للمرأة : إنها لحسنة القَوَام في اعتدالها . ويقال : أنت قِوَام أهلِك أي بك يَقوم أمرُهم وشأنهم وقِيَام وقِيَمٌ وقَيِّمٌ في معنى قِوَامٍ .