ثم وصفهم بالتوسط في الإنفاق والقتر . والإقتار التضييق نقيض الإسراف ، وكان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لا يأكلون طعاماً للتنعم واللذة ولا يلبسون ثياباً للجمال والزينة ، ولكن ما يسد جوعتهم ويستر عورتهم ويكنهم من الحر والقر . عن عمر : كفى شرهاً أن لا يشتهي رجل شيئاً إلا اشتراه فأكله . ثم بالغ في نسبة إنفاقهم إلى الاعتدال بقوله { وكان } أي الإنفاق { بين ذلك قواماً } والمنصوبان يجوز أن يكونا خبرين وأن يكون الظرف خبراً و { قواماً } حالاً مؤكدة . وقال في الكشاف : يجوز أن يجعل بين ذلك لغواً وقواماً مستقراً . ولعل معناه أنه يقوم مقام لفظ المستقر إذا كان متعلقاً به في قولك الإنفاق بين ذلك . وقد ذكر مثله في أول " الشعراء " في قوله
{ إنا معكم مستمعون } [ الشعراء : 15 ] والقوام العدل بين الشيئين لاستقامة الطرفين واعتدالهما ونظير القوام من الاستقامة السواء من الاستواء . وقرئ بكسر القاف وهو ما يقام به الحاجة لا يفضل ولا ينقص . وأجاز الفراء أن يكون { بين ذلك } اسم { كان } على أنه مبني لإضافته إلى غير متمكن كما يقال : كان دون هذا كافياً يريد أقل من ذلك ، فيكون المعنى وكان الوسط بين ذلك قواماً . وضعفه في الكشاف بأن ما بين الإسراف والتقتير قوام لا محالة فليس في الخبر الذي هو معتمد الفائدة فائدة . وأقول : إذا أريد بالقوام حاق الوسط وبقوله { بين ذلك } أعلم منه لم يلزم التكرار .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.