غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَٱلَّذِينَ إِذَآ أَنفَقُواْ لَمۡ يُسۡرِفُواْ وَلَمۡ يَقۡتُرُواْ وَكَانَ بَيۡنَ ذَٰلِكَ قَوَامٗا} (67)

51

ثم وصفهم بالتوسط في الإنفاق والقتر . والإقتار التضييق نقيض الإسراف ، وكان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لا يأكلون طعاماً للتنعم واللذة ولا يلبسون ثياباً للجمال والزينة ، ولكن ما يسد جوعتهم ويستر عورتهم ويكنهم من الحر والقر . عن عمر : كفى شرهاً أن لا يشتهي رجل شيئاً إلا اشتراه فأكله . ثم بالغ في نسبة إنفاقهم إلى الاعتدال بقوله { وكان } أي الإنفاق { بين ذلك قواماً } والمنصوبان يجوز أن يكونا خبرين وأن يكون الظرف خبراً و { قواماً } حالاً مؤكدة . وقال في الكشاف : يجوز أن يجعل بين ذلك لغواً وقواماً مستقراً . ولعل معناه أنه يقوم مقام لفظ المستقر إذا كان متعلقاً به في قولك الإنفاق بين ذلك . وقد ذكر مثله في أول " الشعراء " في قوله

{ إنا معكم مستمعون } [ الشعراء : 15 ] والقوام العدل بين الشيئين لاستقامة الطرفين واعتدالهما ونظير القوام من الاستقامة السواء من الاستواء . وقرئ بكسر القاف وهو ما يقام به الحاجة لا يفضل ولا ينقص . وأجاز الفراء أن يكون { بين ذلك } اسم { كان } على أنه مبني لإضافته إلى غير متمكن كما يقال : كان دون هذا كافياً يريد أقل من ذلك ، فيكون المعنى وكان الوسط بين ذلك قواماً . وضعفه في الكشاف بأن ما بين الإسراف والتقتير قوام لا محالة فليس في الخبر الذي هو معتمد الفائدة فائدة . وأقول : إذا أريد بالقوام حاق الوسط وبقوله { بين ذلك } أعلم منه لم يلزم التكرار .

/خ77