معاني القرآن للفراء - الفراء  
{وَٱلَّذِينَ لَا يَدۡعُونَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَ وَلَا يَقۡتُلُونَ ٱلنَّفۡسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلَّا بِٱلۡحَقِّ وَلَا يَزۡنُونَۚ وَمَن يَفۡعَلۡ ذَٰلِكَ يَلۡقَ أَثَامٗا} (68)

وقوله : { وَمَن يَفْعَلْ ذلك يَلْقَ أَثَاما68 يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ 69 }

قرأت القراء بجزم ( يضاعف ) وَرَفعَه عَاصم بن أبى النَّجُود . والوجه الجزم . وذلك أن كُلّ مجزوم فسَّرته ولم يكن فعْلاً لما قَبْلَهُ فالوجه فيه الجزم ، وما كان فعلاً لما قَبلَهُ رَفَعْته . فأما المفسِّر للمجزوم فقوله { وَمَن يَفْعَلْ ذلك يَلْقَ أَثَاما } ثم فسر الأثام ، فقال { يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ } ومثله في الكلام : إن تكلِّمني تُوصِني بالخير والبِرّ أقبلْ منك ؛ ألا ترى أنك فسَّرت الكلام بالبِرّ ولم يكن فعلاً له ، فلذلك جَزَمت . ولو كان الثاني فِعْلا للأوّل لرفعته ، كقولك إن تأتنا تطلبُ الخير تجدْه ؛ ألا تَرَى أنك تجِد ( تطُلب ) فعلاً للإتيانِ 132 ب كقيلكَ : إن تأتنا طالباً للخير تجده .

قال الشاعر :

مَتى تأْتِهِ تَعْشُو إلى ََضَوْءِ نارِه *** تجد خير نار عندها خَيْرُ موقد

فرفع ( تَعْشو ) لأنه أراد : متى تأته عاشياً . ورفع عاصم ( يُضاعف له ) لأنه أراد الاسْتئنافَ كما تقول : إن تأتنا نكرمْك نعطيك كلّ ما تريد ، لا على الجزاء .