الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَٱلَّذِينَ إِذَآ أَنفَقُواْ لَمۡ يُسۡرِفُواْ وَلَمۡ يَقۡتُرُواْ وَكَانَ بَيۡنَ ذَٰلِكَ قَوَامٗا} (67)

ثم قال تعالى{[50395]} : { والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا }[ 67 ] ، أي : لم يزيدوا في النفقة ، ويبذروا{[50396]} ولم يضيقوا .

حكى الأصمعي : قتر يقتر{[50397]} ويقتر وقتّر يُقتّر{[50398]} ، وأقتر يُقتر : إذا ضيق وقد أنكر أبو حاتم على{[50399]} من جعله من أقتر . وقال : إنما يقال : أقتر{[50400]} إذا افتقر . كما قال :

{ وعلى المقتر قدره } وقد غاب عنه وجه ما حكى الأصمعي وغيره{[50401]} .

ثم قال : { وكان بين ذلك قواما }[ 63 ] ، أي : وكان الإنفاق قواما بين الإسراف والإقتار أي : عدلا .

وقد أجاز الفراء{[50402]} : أن يجعل بين { ذلك }{[50403]} اسم كان وهو مفتوح ، وجاز{[50404]}فتحه في موضع الرفع لأنه{[50405]} أكثر ما يأتي منصوبا ، فترك على أكثر{[50406]} ما يأتي منصوبا ، فترك على أكثر{[50407]} أحواله في حال{[50408]} الرفع ، ومنه قوله : { ومنا دون ذلك }{[50409]} ، دون في موضع الرفع لأنه أكثر ما يأتي منصوبا فترك على أكثر أحواله .

قال ابن عباس : الإسراف : النفقة في معصية الله ، والإقتار منع حقوق الله . وقاله مجاهد وابن جرير{[50410]} .

وقال إبراهيم{[50411]} : لا يجيع عياله بالتقتير ولا يغرنهم{[50412]} ، ولا يوسع حتى يقول الناس : قد أسرف .

وقال يزيد بن أبي حبيب{[50413]} : كانوا يريدون من الثياب{[50414]} ما يستر{[50415]} عورتهم ، ويكتنون به من الحر والبرد ، ويريدون من الطعام ما يسد عنهم الجوع ، ويقويهم على عبادة ربهم{[50416]} ، لا يلبسون للجمال ، ولا يأكلون للذة{[50417]} .

وقال عون{[50418]} بن عبد الله{[50419]} الإسراف أن تأكل مال{[50420]} غيرك بغير حق . وقيل{[50421]} : الإقتار{[50422]} : التقصير عما يجب عليك { وكان بين ذلك قواما }[ 67 ] ، النفقة بالعدل .

وقال مجاهد : لو أنفق رجل{[50423]} ماله كله في حلال ، أو طاعة الله لم يكن مسرفا ، ولو أنفق درهما في حرام لكان مسرفا .

قال سفيان الثوري : لم يضعوه في غير حقه ، ولم يقصروا به عن حقه ، وكل{[50424]} نفقة في معصية الله فهي سرف ، وإن قلت ، وكل نفقة في غير معصية الله فليست بسرف ، وإن كثرت .


[50395]:"تعالى" سقطت من ز.
[50396]:ز: ويقتروا.
[50397]:ز: قترا.
[50398]:"ويقتر وقتر يقتر" ساقط من ز.
[50399]:ز: عن.
[50400]:ز: اقترا.
[50401]:"وغيره" ساقط من ز.
[50402]:انظر: معاني الفراء2/272-273.
[50403]:"ذلك" سقطت من ز.
[50404]:"وجاز" سقطت من ز.
[50405]:ز: لأن.
[50406]:ز: على ما يكون في أكثر
[50407]:ز: على ما يكون في أكثر.
[50408]:من "في حال...أحواله" ساقط من ز.
[50409]:الجن: 11.
[50410]:انظر: ابن جرير19/37، وزاد المسير 6/103.
[50411]:انظر: ابن جرير19/38.
[50412]:ز: ولا يغريهم.
[50413]:هو يزيد بن سويد الأزدي بالولاء، المصري، أبو رجاء، مفتي أهل مصر في صدر الإسلام، وأول من أظهر علوم الدين والفقه بها، ولد سنة53هـ. وتوفي سنة128هـ. انظر: تذكرة الحفاظ 1/121، وتهذيب التهذيب 11/318، والأعلام9/236-237.
[50414]:"كانوا يريدون من الثياب" ساقط من ز.
[50415]:ز: تستر.
[50416]:ز: الله.
[50417]:انظر: ابن جرير19/38.
[50418]:"عون" ساقطة من ز.
[50419]:هو عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي: خطيب، رواية، ناسب، شاعر، سكن الكوفة فاشتهر فيها بالعبادة والقراءة، انظر: تهذيب التهذيب 8/171، حلية الأولياء 4/240 والأعلام5/280.
[50420]:ز: من مال.
[50421]:ز: وقال.
[50422]:ز: قتار.
[50423]:"رجل" سقطت من ز.
[50424]:"وكل نفقة...قلت" ساقطة من ز.