معاني القرآن للفراء - الفراء  
{قَالَ رَبِّ بِمَآ أَنۡعَمۡتَ عَلَيَّ فَلَنۡ أَكُونَ ظَهِيرٗا لِّلۡمُجۡرِمِينَ} (17)

وقوله : { قَالَ رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ علي فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِّلْمُجْرِمِينَ17 }

قال ابن عبّاس : لم يَستَثن فابتُلِي ، فجَعَل ( لَنْ ) خَبَراً لموسَى . وفي قراءة عَبد الله ( فَلاَ تَجْعَلْنِي ظَهِيراً ) فقد تكون { لَنْ أَكُونَ } على هَذَا المعْنى دُعاء منْ مُوسَى : اللهمّ لن أكون لَهُمْ ظهيراً فيكونُ دعاء وذلك أنَّ الذي من شِيعته لقيه رجل بعد قتله الأوَّلَ فتسخّر الذي من شيعة موسى ، فمرّ به موسى على تلك الحال فاسْتصرخه - يعنى اسْتغاثه - فقال له موسى : { إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُّبِينٌ } أي قد قتَلتُ بالأمس رجلا فتَدعوني إلى آخر . وأقبلَ إليهما فظنَّ الذي من شيعتِه أنه يريده . فَقَالَ { أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِي كَما قَتَلْتَ نَفْساً بِالأَمْسِ } ولم يكن فرعون علم مَن قتل القبطيّ الأوَّل . فترك القبطي الثاني صَاحبَ مُوسى من يده وأخبر بأن موسى القاتلُ . فذلك قول ابن عَبَّاسٍ : فابتلي بأن صَاحبه الذي دَلّ عليه .