السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{قَالَ رَبِّ بِمَآ أَنۡعَمۡتَ عَلَيَّ فَلَنۡ أَكُونَ ظَهِيرٗا لِّلۡمُجۡرِمِينَ} (17)

ثم شكر ربه على هذه النعمة التي أنعم بها عليه بأن { قال رب } أي : أيها المحسن إليّ { بما أنعمت عليّ } أي : بسبب إنعامك عليّ بالمغفرة { فلن أكون } أي : إن عصمتني { ظهيراً } أي : عوناً وعشيراً وخليطاً { للمجرمين } قال ابن عباس : للكافرين وهو إما صحبة فرعون وانتظامه في جملته وتكسيره سواده حيث كان يركب بركوبه كالولد مع الوالد ، وكان يسمى ابن فرعون ، وإما مظاهرة من تؤل مظاهرته إلى الجرم والإثم كما في مظاهرة الإسرائيلي المؤدّية إلى القتل الذي لم يؤمر به وهذا نحو قوله تعالى : { ولا تركنوا إلى الذين ظلموا } ( هود : 113 ) وعن عطاء أن رجلاً قال له إنّ أخي يضرب بقلمه ولا يعدو رزقه قال فمن الرأس يعني من يكتب له قال خالد بن عبد الله القسري قال فأين قول موسى وتلا هذه الآية .

وفي الحديث : «ينادي مناد يوم القيامة أين الظلمة وأشباه الظلمة حتى من لاق لهم دواة أو برى لهم قلماً فيجمعون في تابوت من حديد فيرمي بهم في جهنم » وقول ابن عباس يدل على أن الإسرائيلي الذي أعانه موسى عليه السلام كان كافراً وهو قول مقاتل : وقال قتادة : أني لا أعين بعدها على خطيئة ، وقيل : بما أنعمت عليّ من القوة فلن أستعملها إلا في مظاهرة أوليائك وأهل طاعتك والإيمان بك ، قال ابن عباس : لم يستثن أي : لم يقل فلن أكون إن شاء الله تعالى فابتلي به في اليوم الثاني كما قال تعالى : { فأصبح في المدينة خائفاً } .