معاني القرآن للفراء - الفراء  
{وَءَاتُواْ ٱلنِّسَآءَ صَدُقَٰتِهِنَّ نِحۡلَةٗۚ فَإِن طِبۡنَ لَكُمۡ عَن شَيۡءٖ مِّنۡهُ نَفۡسٗا فَكُلُوهُ هَنِيٓـٔٗا مَّرِيٓـٔٗا} (4)

وقوله : { وَآتُواْ النِّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً }

يعنى أولياء النساء لا الأزواج : وذلك أنهم كانوا في الجاهلية لا يعطون النساء من مهورهن شيئا ، فأنزل الله تعالى : أعطوهن صدقاتهن نحلة ، يقول : هبة وعطية .

وقوله : { فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً } . ولم يقل طبن . وذلك أن المعنى - والله أعلم - : فإن طابت أنفسهن لكم عن شيء . فنقِل الفعل من الأنفس إليهن فخرجت النفس مفسّرة ؛ كما قالوا : أنت حسن وجها ، والفعل في الأصل للوجه ، فلما حوّل إلى صاحب الوجه خرج الوجه مفسِّرا لموقِع الفعل . ولذلك وحّد النفس . ولو جمعت لكان صوابا ؛ ومثله ضاق به ذراعي ، ثم تحول الفعل من الذراع إليك : فتقول قَرِرت به عينا . قال الله تبارك وتعالى : { فكلِى واشربي وقرّى عينا } . وقال : { سيء بِهِم وضاق بهم ذرعا } ؛ وقال الشاعر :

إذا التّيَّازُ ذو العَضلات قلنا *** إليك إليك ضاق بها ذراعا

وإنما قيل : ذرعا وذراعا لأن المصدر والاسم في هذا الموضع يدلاّن على معنى واحد ، فلذلك كَفي المصدر من الاسم .