الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَءَاتُواْ ٱلنِّسَآءَ صَدُقَٰتِهِنَّ نِحۡلَةٗۚ فَإِن طِبۡنَ لَكُمۡ عَن شَيۡءٖ مِّنۡهُ نَفۡسٗا فَكُلُوهُ هَنِيٓـٔٗا مَّرِيٓـٔٗا} (4)

قوله تعالى : { وَءاتُواْ النساء صدقاتهن نِحْلَةً . . . }[ النساء :4 ] .

قال ابن عَبَّاس ، وغيره : الآيةُ خطابٌ للأزواج ، وقال أبو صَالِحٍ : هي خطابٌ لأوليَاءِ النِّسَاءِ ، لأنَّ عادَةَ بَعْض العَرَب كانَتْ أنْ يأكل وليُّ المرأة مَهْرها ، فرفَعَ اللَّه ذلكَ بالإسْلام ، وقيل : إن الآية في المتشاغِرِينَ الذين يتزوَّجون امرأةً بأخرى ، فُأمِرُوا أنْ يضربوا المُهُورَ .

قال ( ع ) : والآية تتناوَلُ هذه التأويلاتِ الثَّلاثَ ، ( ونِحْلَةَ ) ، أي : عطيَّة منْكم لهُنَّ ، وقيل : ( نِحْلَة ) معناه : شِرْعَة ، مأخوذٌ من النِّحَل ، وقيل : التقديرُ نِحْلَةً مِنَ اللَّه لَهُنَّ ، قال ابنُ العَرَبِيِّ : وذلك أنَّ النحلة في اللُّغة : العطيَّةُ عنْ غَيْرِ عِوَضٍ ، انتهى .

وقوله : { فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً . . . } الآية ، الخطابُ حَسْبَما تقدَّم مِنَ الاختلاف ، والمعنى : إنْ وَهَبْنَ غيْرَ مكرَهَاتٍ ، طيِّبةً نفوسُهنَّ ، والضميرُ في ( مِنهُ ) يعود علَى الصَّدَاقِ ، قاله عكرمةُ وغيره ، و( مَنْ ) : تتضمَّن الجِنْس ههنا ، ولذلك يجوزُ أنْ تهب المَهْر كلَّه .

وقوله تعالى : { هَنِيئاً مَّرِيئاً } قال اللغويُّون : الطعامُ الهَنِيءُ هو السَّائِغُ المستحسَنُ ، الحميدُ المَغَّبةِ ، وكذلك المريءُ .