وقوله : { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ ما طَابَ لَكُمْ . . . }
واليتامى في هذا الموضع أصحاب الأموال ، فيقول القائل : ما عَدَل الكلامَ من أموال اليتامى إلى النكاح ؟ فيقال : إنهم تركوا مخالطة اليتامى تحرّجا ، فأنزل الله تبارك وتعالى : فإن كنتم تتحرجون من مؤاكلة اليتامى فاحْرَجوا من جمعكم بين النساء ثم لا تعدلون بينهن ، { فَانكِحُواْ ما طَابَ لَكُمْ } يعنى الواحدة إلى الأربع . فقال تبارك وتعالى : { ما طَابَ لَكُمْ } ولم يقل : من طاب . وذلك أنه ذهب إلى الفعل كما قال { أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ } يريد : أو ملك أيمانكم . ولو قيل في هذين ( من ) كان صوابا ، ولكن الوجه ما جاء به الكتاب . وأنت تقول في الكلام : خذ من عبيدي ما شئت ، إذا أراد مشيئتك ، فإن قلت : من شئت ، فمعناه : خذ الذي تشاء .
وأما قوله : { مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ } فإنها حروف لا تُجْرَى . وذلك أنهن مصروفات عن جهاتهنّ ؛ ألا ترى أنهنّ للثلاث والثلاثة ، وأنهن لا يضفن إلى ما يضاف إليه الثلاثة والثلاث . فكان لامتناعه من الإضافة كأنّ فيه الألف واللام . وامتنع من الألف واللام لأن فيه تأويل الإضافة ؛ كما كان بناء الثلاثة أن تضاف إلى جنسها ، فيقال : ثلاث نسوة ، وثلاثة رجال . وربما جعلوا مكان ثُلاَث ورُبَاع مَثْلَث ومَرْبَع ، فلا يُجْرى أيضا ؛ كما لم يُجْرَ ثُلاث ورُباع لأنه مصروف ، فيه من العلّة ما في ثُلاث ورُباع . ومن جعلها نكرة وذهب بها إلى الأسماء أجراها . والعرب تقول : ادخلوا ثُلاثَ ثُلاثَ ، وثُلاثا ثلاثا . وقال الشاعر :
[ وإنَّ الغلام المستهام بذكره ] *** قتَلْنا به مِن بَين مَثْنىً ومَوْحدِ
بأربعةٍ منكم وآخر خامسٍ *** وسادٍ مع الإظلام في رمح معبدِ
فوجه الكلام ألاّ تُجرى وأن تجعل معرفة ؛ لأنها مصروفة ، والمصروف خِلْقته أن يُترك على هيئته ، مثل : لُكَع ولَكاع . وكذلك قوله : { أُولِى أَجنِحةٍ مَثْنَى وثُلاثَ ورُباع } .
والواحد يقال فيه مَوْحَدُ وأُحاد ووُحاد ، ومثنى وثُناء ؛ وأنشد بعضهم :
تَرى النُّعَراتِ الزُّرْقَ تحتَ لَبانه *** أُحادَ ومَثْنَى أَصْعَقَتْها صَواهله
وقوله : { فَوَاحِدَةً } تنصب على : فإن خفتم ألاّ تعدلوا على الأربع في الحبّ والجماع فانكحوا واحدة أو ما ملكت أيمانكم لا وقت عليكم فيه . ولو قال : فواحدةٌ ، بالرفع كان كما قال { فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان } كان صوابا على قولك : فواحدة ( مقنع ، فواحدة ) رِضا .
وقوله : { ذلك أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ } : ألاّ تميلوا . وهو أيضا في كلام العرب : قد عال يعول . وفي قراءة عبد الله : ( ولا يَعُلْ أن يأتِينِي بهم جميعا ) كأنه في المعنى : ولا يشقْ عليه أن يأتيني بهم جميعا . والفقر يقال منه عال يعيل عَيْلة ؛ وقال الشاعر :
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.