معاني القرآن للفراء - الفراء  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفۡسٖ وَٰحِدَةٖ وَخَلَقَ مِنۡهَا زَوۡجَهَا وَبَثَّ مِنۡهُمَا رِجَالٗا كَثِيرٗا وَنِسَآءٗۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِۦ وَٱلۡأَرۡحَامَۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيۡكُمۡ رَقِيبٗا} (1)

وقوله تبارك وتعالى : { الَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ . . . }

قال ( واحدة ) لأن النفس مؤنثة ، فقال : واحدة لتأنيث النفس ، وهو [ يعنى ] آدم . ولو كانت ( من نفس واحد ) لكان صوابا ، يذهب إلى تذكير الرجل .

وقوله : { وَبَثَّ مِنْهُما } العرب تقول : بثَّ الله الخلق : أي نشرهم . وقال في موضع آخر : { كالفَراشِ المَبْثوث } ومن العرب من يقول : أَبثّ الله الخلق . ويقولون : بثثتك ما في نفسي ، وأبثثتك .

وقوله : { الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحامَ } فنصب الأرحام ؛ يريد واتقوا الأرحام أن تقطعوها . قال : حدّثنا الفرّاء قال : حدّثني شريك بن عبد الله عن الأعمش عن إبراهيم أنه خفض الأرحام ، قال : هو كقولهم : بالله والرحم ؛ وفيه قبح ؛ لأن العرب لا تردّ مخفوضا على مخفوض وقد كُنِى عنه ، وقد قال الشاعر في جوازه :

نُعَلّق في مثلِ السَّوارِى سيوفَنا *** وما بينها والْكَعبِ غَوْط نَفَانِف

وإنما يجوز هذا في الشعر لضيقه .

وقرأ بعضهم " تَسَّاءلون به " يريد : تتساءلون به ، فأدْغم التاء عند السين .