معاني القرآن للفراء - الفراء  
{نَّحۡنُ أَعۡلَمُ بِمَا يَقُولُونَۖ وَمَآ أَنتَ عَلَيۡهِم بِجَبَّارٖۖ فَذَكِّرۡ بِٱلۡقُرۡءَانِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ} (45)

وقوله : { وَما أَنتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ } .

يقول : لست عليهم بمسلَّط ، جعل الجبار في موضع السلطان من الجَبْريّة ، قال أنشدني المفضل :

ويوم الحَزن إذ حشَدَت مَعدٌّ *** وكان الناسُ إلا نحن دينا

عصينا عزمةَ الجبار حتى *** صبحنا الجوفَ ألفا مُعْلمينا

أراد بالجبار : المنذر لولايته .

وقال الكلبي بإسناده : لستَ عَلَيْهِمْ بجَبّار يقول : لم تبعث لتجبُرَهم على الإسلام والهدى ؛ إنما بعثت مذكَّرا فذكّر ، وذلك قبل أن يؤمر بقتالهم .

والعرب لا تقول : فعّال من أفعلت ، لا يقولون : هذا خَرّاج ولا دَخّال ، يريدون مُدْخِل ولا مُخرِج من أدخلت وأخرجت ، إنما يقولون : دخال من دخلت ، وفعّال من فعلت : وقد قالت العرب : درّاك من أدركت ، وهو شاذ ، فإن حملت الجبار على هذا المعنى فهو وجه .

وقد سمعت بعض العرب يقول : جبره على الأمر يريد : أجبره ، فالجبار من هذه اللغة صحيح يراد به : يقهرهم ويجبرهم .