النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{نَّحۡنُ أَعۡلَمُ بِمَا يَقُولُونَۖ وَمَآ أَنتَ عَلَيۡهِم بِجَبَّارٖۖ فَذَكِّرۡ بِٱلۡقُرۡءَانِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ} (45)

قوله عز وجل : { نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ } يحتمل وجهين :

أحدهما : نحن أعلم بما يجيبونك من تصديق أو تكذيب .

الثاني : بما يسرونه من إيمان أو نفاق .

{ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِجَبَّارٍ } فيه ثلاثة أوجه :

أحدها : يعني برب{[2748]} ، قاله الضحاك ، لأن الجبار هو الله تعالى سلطانه .

الثاني : متجبر عليهم متسلط ، قاله مجاهد . ولذلك قيل لكل متسلط جبار . قال الشاعر{[2749]} :

وكنا إذا الجبار صعر خده *** أقمنا له من صعره فتقوما

وهو من صفات المخلوقين ذم .

الثالث : أنك لا تجبرهم على الإسلام من قولهم قد جبرته على الأمر إذا قهرته على أمر ، قاله الكلبي .

{ فَذَكِّرْ بِالقُرْءَانِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ } الوعيد العذاب ، والوعد الثواب . قال الشاعر{[2750]} :

وإني وإن أوعدته أو وعدته *** لمخلف إيعادي ومنجز موعدي

قال قتادة : اللهم اجعلنا ممن يخاف وعيدك ويرجو موعدك . وروي أنه قيل : يا رسول الله لو خوفتنا فنزلت { فَذَكِّرْ بِالقُرءَانِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ{[2751]} } .


[2748]:في ع "قريب".
[2749]:هو المتلمس كما ذكر المرزباني. والبيت من قصيدة مطلعها. يعيرني أمي رجال ولن ترى أخا كرم إلا بأن يتكرما وقيل هو لعمرو بن حنى التغلبي ولكن هذا القول مرجوح
[2750]:هو عامر بن الطفيل والبيت في اللسان -وعد
[2751]:أخرجه ابن جرير من طريق عمرو بن قيس عن ابن عباس.