معاني القرآن للفراء - الفراء  
{فَأَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِمُ ٱلطُّوفَانَ وَٱلۡجَرَادَ وَٱلۡقُمَّلَ وَٱلضَّفَادِعَ وَٱلدَّمَ ءَايَٰتٖ مُّفَصَّلَٰتٖ فَٱسۡتَكۡبَرُواْ وَكَانُواْ قَوۡمٗا مُّجۡرِمِينَ} (133)

وقوله : { فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ }

أرسل الله عليهم السماء سَبْتا فلم تقلِع ليلا ونهارا ، فضاقت بهم الأرض من تهدّم بيوتهم وشُغُلهم عن ضِياعهم ، فسألوه أن يرفع عنهم ، فرفِع فلم يتوبوا ، فأرسل الله عليهم ( الجراد ) فأكل ما أنبتت الأرض في تلك السنة . وذاك أنهم رأوا من غِبّ ذلك المطر خصبا لم يروا مثله قطُّ ، فقالوا : إنما كان هذا رحمة لنا ولم يكن عذابا . وضاقوا بالجراد فكان قدر ذراع في الأرض ، فسألوه أن يكشف عنهم ويؤمنوا ، فكشف الله عنهم وبقى لهم ما يأكلون ، فطغوا به وقالوا ( لن نؤمِن لك ) فأرسل الله عليهم ( القمل ) وهو الدّبَى الذي لا أجنحة له ، فأكل كلّ ما كان أبقى الجراد ، فلم يؤمنوا فأرسل الله ( الضفادع ) فكان أحدهم يصبح وهو على فِراشه متراكب ، فضاقوا بذلك ، فلما كُشِف عنهم لم يؤمنوا ، فأرسل الله عليهم ( الدم ) فتحوّلت عيونهم وأنهارهم دما حتى موّتت الأبكارُ ، فضاقوا بذلك وسألوه أن يكشفه عنهم فيؤمنوا ، فلم يفعلوا ، وكان العذاب يمكث عليهم سبتا ، وبين العذاب إلى العذاب شهر ، فذلك قوله { آيَاتٍ مّفَصَّلاَتٍ } ثم وعد الله موسى أن يغرق فرعون ، فسار موسى من مصر ليلا . وبلغ ذلك فرعون فأتبعه - يقال في ألف ألف ومائة ألف سوى كتيبته التي هو فيها ، ومُجَنِّبَتيه - فأدركهم هو وأصحابه مع طلوع الشمس . فضرب موسى البحر بعصاه فانفرج له فيه اثنا عشر طريقا . فلما خرجوا تبعه فرعون وأصحابه في طريقه ، فلما كان أوّلهم يَهُمّ بالخروج وآخرهم في البحر أطبقه الله تبارك وتعالى عليهم فغرَّقهم . ثم سأل موسى أصحابُه أن يخرج فرعون ليعاينوه ، فأخرِج هو وأصحابه ، فأخذوا من الأمتعة والسلاح ما اتخذوا به العِجْل .