معاني القرآن للفراء - الفراء  
{وَمِنۡهُم مَّن يَقُولُ ٱئۡذَن لِّي وَلَا تَفۡتِنِّيٓۚ أَلَا فِي ٱلۡفِتۡنَةِ سَقَطُواْۗ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةُۢ بِٱلۡكَٰفِرِينَ} (49)

وقوله : { وَمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ ائذَن لِّي وَلاَ تَفْتِنِّي . . . }

وذلك لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لجدَ بن قيس : هل لك في جِلاد بنى الأصفر ؟ - يعنى الروم - وهي غزوة تبوك ، فقال جدّ : لا ، بل تأذن لي ، فأتخلفُ ؛ فإني رجل كلِف بالنساء أخاف فتنة بنات الأصفر . وإنما سمي الأصفر لأن حبشيا غلب على ناحية الروم وكان له بنات قد أخذن من بياض الروم وسواد الحبشة فكن صفرا لُعسا . فقال الله تبارك وتعالى { أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُواْ } في التخلف عنك . وقد عُذِل المسلمون في غزوة تبوك وثقل عليهم الخروج لبعد الشقة ، وكان أيضا زمان عسرة وأدرك الثمار وطاب الظل ، فأحبّوا الإقامة ، فوبَّخهم الله .

فقال عز وجل : ( يأيّها الّذِينَ آمَنُوا ما لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ اْنفِرُوا في سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلتُمْ ) .

ووصف المنافقين فقال : ( لو كان عرضا قريبا وسفرا قاصدا لاتَّبعوك ) .