الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{قُلِ ٱنظُرُواْ مَاذَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ وَمَا تُغۡنِي ٱلۡأٓيَٰتُ وَٱلنُّذُرُ عَن قَوۡمٖ لَّا يُؤۡمِنُونَ} (101)

قوله تعالى : { مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ } : يجوز أن يكون " ماذا " كله استفهاماً مبتدأ ، و " في السموات " خبرُه أي : أيُّ شيءٍ في السموات ؟ ويجوزُ أن تكونَ " ما " مبتدأً و " ذا " بمعنى الذي ، و " في السموات " صلتُه وهو خبرُ المبتدأ ، وعلى التقديرين فالمبتدأُ وخبرُه في محلِّ نصبٍ بإسقاط الخافضِ ؛ لأن الفعلَ قبله مُعَلَّقٌ بالاستفهام ، ويجوزُ على ضَعْفٍ أن يكونَ " ماذا " كله موصولاً بمعنى الذي وهو في محل نصب ب " انظروا " . ووجهُ ضعفِه أنه لا يخلو : إمَّا أن يكونَ النظر بمعنى البصر فيُعدَّى ب " إلى " ، وإمَّا أن يكونَ قلبيَّاً فيعدَّى ب " في " وقد تقدَّم الكلام في " ماذا " .

قوله : { وَمَا تُغْنِي } ، يجوز في " ما " أن تكون استفهامية ، وهي واقعةٌ موقعَ المصدر أي : أيَّ غَناءٍ تُغْني الآيات ؟ ويجوز أن تكونَ نافيةً ، وهذا هو الظاهر . وقال ابن عطية : ويحتمل أن تكونَ " ما " في قوله : " وما تغني " مفعولةً بقوله : " انظروا " ، معطوفةً على قوله : " ماذا " أي : تأمَّلوا قَدْر غَناء الآيات والنُّذُر عن الكفار " . قال الشيخ : " وفيه ضعفٌ ، وفي قوله : " معطوفة على " ماذا " تجُّوزٌ ، يعني أن الجملةَ الاستفهامية التي هي { مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ } في موضع المفعول ، إلا أن " ماذا " وحده منصوب ب " انظروا " فتكون " ماذا " موصولةً ، و " انظروا " بصرية لما تقدم " يعني لِما تقدم مِنْ أنه لو كانت بصرية لتعدَّتْ ب " إلى " .

و " النُّذُرُ " يجوز أن يكونَ جمعَ نذير ، والمراد به المصدر فيكونَ التقدير : وما تُغْني الآيات والإِنذارات ، وأن يكونَ جمعَ " نذير " مراداً به اسمَ الفاعل بمعنى مُنْذِر فيكون التقدير : والمنذرون وهم الرسل .