الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{لَتَرَوُنَّ ٱلۡجَحِيمَ} (6)

قوله : { لَتَرَوُنَّ } هذا جوابُ قَسَم مقدَّرٍ . وقرأ ابن عامر والكسائي " لتُرَوْنَّ " مبنياً للمفعول . وهو منقولٌ مِنْ " رَأى " الثلاثي إلى " أرى " فاكتسَبَ مفعولاً آخر ، فقام الأولُ مقامَ الفاعلِ ، وبقي الثاني منصوباً ، والباقون مبنياً للفاعل ، ِ جعلوه غيرَ منقولٍ ، فتعدَّى لواحدٍ فقط ، فإنَّ الرؤيةَ بَصَريَّةِ . وأمير المؤمنين ، وعاصم ، وابن كثير ، في روايةٍ عنهما بالفتح في الأولى ، والضمِّ في الثانية ، يعني " لَتُرَوُنَّها " ، ومجاهد وابن أبي عبلة والأشهب بضمها فيهما . والعامَّةُ على أن الواوَيْن لا يُهْمزان ؛ لأنَّ حركتَهما عارضةٌ ، نَصَّ على عدمِ جوازِه مكيُّ وأبو البقاء ، وعَلَّلا بعُروضِ الحركةِ .

وقرأ الحسن وأبو عمرو -بخلافٍ عنهما - بهمزِ الواوَيْن استثقالاً لضمةِ الواوِ . قال الزمشخري : " وهي مستكرهَةٌ " ، يعني لِعُروض الحركةِ عليها ، إلاَّ أنَّهم قد هَمَزوا ما هو أَوْلى بعَدَمِ الهمزِ من هذه الواوِ ، نحو : { اشْتَرُواْ الضَّلاَلَةَ } [ البقرة : 16 ] ، هَمَزَ واوَ " اشتَروْا " بعضُهم ، مع أنها حركةٌ عارضةٌ ، وتزولُ في الوَقْفِ ، وحركةُ هذه الواوِ ، وإنْ كانت عارضةً ، إلاَّ أنها غيرُ زائلةٍ في الوقفِ ، فهي أَوْلَى بَهْمزِها .