اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{لَتَرَوُنَّ ٱلۡجَحِيمَ} (6)

قوله : { لَتَرَوُنَّ الجحيم } جواب قسم مقدر ، أي : لترون الجحيم في الآخرة .

والخطاب للكفار الذين وجبت لهم النار .

وقيل : عام [ كقوله تعالى : { وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا } [ مريم : 71 ] فهي للكفار دار ، وللمؤمنين مَمَرّ ]{[60788]} .

وقرأ{[60789]} ابن عامر ، والكسائي : «لتُروُنَّ » مبنياً للمفعول ، وهي مفعولة من «رأى » الثلاثي أي : أريته الشيء ، فاكتسب مفعولاً آخر ، فقام الأول مقام الفاعل ، وبقي الثاني منصوباً .

والباقون مبنياً للفاعل ، جعلوه غير منقول ، فتعدى لواحد فقط ، فإن الرؤية بصرية .

وأمير المؤمنين ، وعاصم ، وابن كثير{[60790]} في رواية عنهم : بالفتح في الأول ، والضم في الثاني ، يعني : لترونها .

ومجاهد ، وابن أبي عبلة ، وأشهب{[60791]} : بضمها فيهما .

والعامة على أن الواوين لا يهمزان ؛ لأن حركتهما عارضة .

وقد نصّ مكي ، وأبو البقاء ، على عدم جوازه ، وعللا بعروض الحركة .

وقرأ الحسن وأبو عمرو{[60792]} -بخلاف عنهما- بهمز الواوين استثقالاً لضمة الواو .

قال الزمخشري{[60793]} : «هِيَ مُسْتكرَهة » ، يعني لعروض الحركة عليها ، إلا أنهم قد همزوا ما هو أولى لعدم الهمز من هذه الواو ، نحو : { اشتروا الضلالة } [ البقرة : 16 ] همزوا واو «اشترؤا » مع أنها حركة عارضة ، وتزول في الوقف ، وحركة هذه الواو ، وإن كانت عارضة ، إلا أنَّها غير زائلة في الوقف ، فهو أولى بهمزها .

قوله : { ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ اليقين } هذا مصدر مؤكد ، كأنه قيل : رؤية اليقين نفياً لتوهم المجاز في الرؤية الأولى .

وقال أبو البقاء{[60794]} : لأن «رأى » ، و «عاين » بمعنى .

فصل في معنى الآية

معنى الكلام : «لتَرَوُنَّ الجَحِيمَ » بأبصاركم على البعد ، «ثُمَّ لتَروُنَّهَا عَيْنَ اليَقِينِ » أي : مشاهدة .

وقيل : { لَوْ تَعْلَمُونَ عِلمَ اليَقِينَ } ، معناه : «لَوْ تَعْلَمُونَ » اليوم في الدنيا «عِلمَ اليَقِينِ » بما أمامكم مما وصفت «لَتَروُنَّ الجَحِيم » بعيون قلوبكم ، فإن علم اليقين يريك الجحيم بعين فؤادك ، وهو أن يصور لك نار القيامة .


[60788]:سقط من: أ.
[60789]:ينظر: السبعة 695، والحجة 6/434، وإعراب القراءات 2/524، وحجة القراءات 771.
[60790]:ينظر: المحرر الوجيز 5/519، والبحر المحيط 8/506، والدر المصون 6/565.
[60791]:ينظر: البحر المحيط 8/506، والدر المصون 6/565.
[60792]:ينظر السابق.
[60793]:الكشاف 4/792.
[60794]:الإملاء 2/293.