الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{فَلَمَّا رَءَآ أَيۡدِيَهُمۡ لَا تَصِلُ إِلَيۡهِ نَكِرَهُمۡ وَأَوۡجَسَ مِنۡهُمۡ خِيفَةٗۚ قَالُواْ لَا تَخَفۡ إِنَّآ أُرۡسِلۡنَآ إِلَىٰ قَوۡمِ لُوطٖ} (70)

قوله تعالى : { نَكِرَهُمْ } : أي : أنكرهم ، فهما بمعنى وأنشدوا :2678 وأَنْكَرَتْني وما كان الذي نَكِرَتْ *** من الحوادثِ إلا الشَّيْبَ والصَّلعا

وفرَّق بعضهم بينهما فقال :/ الثلاثي فيما يُرى بالبصر ، والرباعي فما لا يُرى من المعاني ، وجعل البيتَ من ذلك ، فإنها أَنْكَرَتْ مودَته وهي من المعاني التي لا ترى ، ونَكِرَتْ شيبتَه وصَلَعه ، وهما يُبْصَران ، ومنه قولُ أبي ذؤيب :

2679 فَنَكِرْنَه فَنَفَرْنَ وامْتَرَسَتْ به *** هَوْجاءُ هادِيَةٌ وهادٍ جُرْشُعُ

والإِيجاس : حديث النفس ، وأصلُه من الدخول كأن الخوف داخله .

وقال الأخفش : " خامَرَ قلبه " . وقال الفراء : " استشعر وأحسَّ " . والوجيس : ما يَعْتري النفس أوائل الفزع ، ووَجَسَ في نفسه كذا أي : خَطَر بها ، يَجِسُ وَجْساً ووُجوساً ووَجيساً ، ويَوْجَس ويَجِس بمعنى يسمع ، وأنشدوا :

2680 وصادقتا سَمْعِ التوجُّسِ للسُّرى *** لِلَمْحِ خَفِيٍّ أو لصوتٍ مُنَدَّد

فخيفةً مفعول به أي : أحسَّ خيفة أو أضمر خيفة .