الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَلَمَّا جَآءَتۡ رُسُلُنَا لُوطٗا سِيٓءَ بِهِمۡ وَضَاقَ بِهِمۡ ذَرۡعٗا وَقَالَ هَٰذَا يَوۡمٌ عَصِيبٞ} (77)

قوله تعالى : { سِيءَ } : فعلٌ مبنيٌّ للمفعول . والقائمُ مقامُ الفاعل ضميرُ لوط مِنْ قولِك " ساءني كذا " أي : حَصَل/ لي سُوْءٌ . و " بهم " متعلقٌ به أي : بسببهم . و " ذَرْعاً " نصبٌ على التمييز ، وهو في الأصل مصدر ذَرَعَ البعير يَذْرَع بيديه في سَيْره إذا سار على قَدْر خَطْوِه ، اشتقاقاً من الذِّراع ، ثم تُوُسِّع فيه فوُضِعَ مَوْضِعَ الطاقة والجهد فقيل : ضاق ذَرْعُه أي : طاقتُه قال :

2690 . . . . . . . . . . . . . . . . . . *** فاقدِرْ بذَرْعِك وانظر أين تَنْسَلِكُ

وقد يقع الذِّراعُ موقِعَه قال :

2691 إذا التَّيَّازُ ذو العَضَلاتِ قُلْنا *** إليك إليك ضاقَ بها ذِراعا

قيل : هو كنايةٌ عن ضِيق الصدر .

وقوله : { عَصِيبٌ } العَصِيْبُ والعَصَبْصَبُ والعَصُوب : اليوم الشديد ، الكثير الشرِّ الملتفُّ بعضُه ببعض قال :

2692 وكنت لِزازَ خَصْمِكَ لم أُعَرِّدْ *** وقد سَلكوك في يومٍ عصيبِ

وعن أبي عُبَيْد : " سُمِّي عَصِيباً لأنه يعصب الناسَ بالشرِّ " . والعِصَابَةُ : الجماعة من الناس سُمُّوا بذلك لإِحاطتهم إحاطةَ العَصابة .

قوله : { يُهْرَعُونَ } في محل نصب على الحال . والعامَّة على " يُهرعون " مبنياً للمفعول . والإِهراع : الإِسراع ويقال : وهو المَشْيُ بين الهَرْوَلة والجَمَز . وقال الهروي : هَرَع وأَهْرَعَ : اسْتَحَثَّ . وقرأت فرقة : " يَهْرعون " بفتح الياء مبنياً للفاعل مِنْ لغة " هَرَع " .