الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَجَآءَهُۥ قَوۡمُهُۥ يُهۡرَعُونَ إِلَيۡهِ وَمِن قَبۡلُ كَانُواْ يَعۡمَلُونَ ٱلسَّيِّـَٔاتِۚ قَالَ يَٰقَوۡمِ هَـٰٓؤُلَآءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطۡهَرُ لَكُمۡۖ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَلَا تُخۡزُونِ فِي ضَيۡفِيٓۖ أَلَيۡسَ مِنكُمۡ رَجُلٞ رَّشِيدٞ} (78)

قوله : { هَؤُلاءِ بَنَاتِي } جملةٌ برأسها ، و " هنَّ أطهرُ لكم " جملةٌ أخرى ، ويجوز أن يكونَ " هؤلاء " مبتدأ ، و " بناتي " بدلٌ أو عطفُ بيان ، و " هنَّ " مبتدأ ، و " أَطْهَرُ " خبره ، والجملةُ خبر الأول . ويجوز أن يكونَ " هنَّ " فَصْلاً ، و " أطهر " خبر : إمَّا ل " هؤلاء " ، وإمَّا ل " بناتي " ، والجملةُ خبر الأول .

وقرأ الحسن وزيد بن علي وسعيد بن جبير وعيسى بن عمر والسدي : " أطهرَ " بالنصب . وخُرِّجت على الحال . فقيل : " هؤلا " مبتدأ ، و " بناتي هُنَّ " جملةٌ في محلِّ خبره ، و " أطهر " حال ، والعاملُ : إمَّا التنبيهُ وإمَّا الإِشارةُ . وقيل : " هنَّ " فَصْلٌ بين الحال وصاحبها ، وجُعِل من ذلك قولُهم : " أكثر أكلي التفاحةَ هي نضيجةً " . ومنعه بعض النحويين ، وخرَّج الآيةَ على أن " لكم " خبر " هن " فلزمه على ذلك أن تتقدَّم الحالُ على عاملها المعنوي ، وخرَّجَ المَثَلَ المذكور على أن " نضيجة " منصوبة ب " كان " مضمرة .

قوله : { وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي } : الضيف في الأصل مصدرٌ ، ثم أطلق على الطارق لميلانه إلى المُضيف ، ولذلك يقع على المفرد والمذكر وضدَّيهما بلفظٍ واحدٍ ، وقد يُثنَّى فيقال : ضَيْفان ، ويُجْمع فيقال : أضايف وضُيوف كأبيات وبُيوت وضِيفان كحَوْض وحِيضان .