الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَأَوۡفُواْ بِعَهۡدِ ٱللَّهِ إِذَا عَٰهَدتُّمۡ وَلَا تَنقُضُواْ ٱلۡأَيۡمَٰنَ بَعۡدَ تَوۡكِيدِهَا وَقَدۡ جَعَلۡتُمُ ٱللَّهَ عَلَيۡكُمۡ كَفِيلًاۚ إِنَّ ٱللَّهَ يَعۡلَمُ مَا تَفۡعَلُونَ} (91)

قوله تعالى : { بَعْدَ تَوْكِيدِهَا } : متعلقٌ بفعل النهي . والتوكيدُ مصدرُ : وَكَّدُ يُوَكِّدُ بالواو ، وفيه لغةٌ أخرى : أَكَّد يُؤَكِّد بالهمز ، وهذا كقولِهم : وَرَّخْتُ الكتابَ وأرَّخْتُه ، وليست الهمزة بدلاً من واوٍ ، كما زعم أبو إسحق ؛ لأنَّ الاستعمالين في المادتين متساويان ، فليس ادِّعاءُ كونِ أحدهما أصلاً أَوْلَى من الآخر .

وتبع مكيٌّ الزجاجَ في ذلك ثم قال : " ولا يَحْسُن أَنْ يقال : الواوُ بدلٌ من الهمزة ، كما لا يَحْسُنُ أن يقالَ ذلك في : " أَحَد " ؛ إذ أصلُه " وَحَد " ، فالهمزةُ بدل من الواو " . يعني : أنه لا قائلَ بالعكس ، وكذلك تَبِعه في ذلك الزمخشري أيضاً . و " تَوْكِيدها " مصدرٌضافٌ لمفعوله .

وأدغم أبو عمروٍ الدالَ في التاء ، ولا ثانيَ له في القرآنِ ، أعني : أنه لم تُدْغَمْ دالٌ مفتوحةٌ بعد ساكنٍ إلا في هذا الحرفِ .

قوله : { وَقَدْ جَعَلْتُمُ } ، الجملةُ حالٌ : إمَّا مِنْ فاعلِ " تَنْقُضوا " ، وإما من فاعلِ المصدرِ ، وإن كان محذوفاً .