خصّ سبحانه من جملة المأمورات التي تضمنها قوله : { إِنَّ الله يَأْمُرُ بالعدل } الوفاء بالعهد ، فقال : { وَأَوْفُوا بِعَهْدِ الله إِذَا عاهدتم } وظاهره العموم في كل عهد يقع من الإنسان من غير فرق بين عهد البيعة وغيره ، وخصّ هذا العهد المذكور في هذه الآية بعض المفسرين بالعهد الكائن في بيعة النبيّ صلى الله عليه وسلم على الإسلام ، وهو خلاف ما يفيده العهد المضاف إلى اسم الله سبحانه من العموم الشامل لجميع عهود الله . ولو فرض أن السبب خاص بعهد من العهود ، لم يكن ذلك موجباً لقصره على السبب ، فالاعتبار بعموم اللفظ ، لا بخصوص السبب ، وفسره بعضهم باليمين ، وهو مدفوع بذكر الوفاء بالأَيمان بعده حيث قال سبحانه : { وَلاَ تَنقُضُوا الأيمان بَعْدَ تَوْكِيدِهَا } أي : بعد تشديدها وتغليظها وتوثيقها ، وليس المراد اختصاص النهي عن النقض بالأَيمان المؤكدة ، لا بغيرها مما لا تأكيد فيه . فإن تحريم النقض يتناول الجميع ، ولكن في نقض اليمين المؤكدة من الإثم فوق الإثم الذي في نقض ما لم يوكد منها ، يقال : وكد وأكد توكيداً وتأكيداً ، وهما لغتان . وقال الزجاج : الأصل الواو ، والهمزة بدل منها ، وهذا العموم مخصوص بما ثبت في الأحاديث الصحيحة من قوله صلى الله عليه وسلم فقال : ( من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها ، فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه ) ، حتى بالغ في ذلك صلى الله عليه وسلم فقال : ( والله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها ، إلا أتيت الذي هو خير وكفرت عن يميني ) وهذه الألفاظ ثابتة في الصحيحين وغيرهما ، ويخصّ أيضاً من هذا العموم يمين اللغو ، لقوله سبحانه : { لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ الله باللغو فِي أيمانكم } [ البقرة : 225 ] ويمكن أن يكون التقييد بالتوكيد هنا لإخراج أيمان اللغو . وقد تقدّم بسط الكلام على الأَيمان في البقرة . { وَقَدْ جَعَلْتُمُ الله عَلَيْكُمْ كَفِيلاً } أي : شهيداً ، وقيل : حافظاً ، وقيل : ضامناً . وقيل : رقيباً لأن الكفيل يراعي حال المكفول به ، وقيل : إن توكيد اليمين هو حلف الإنسان على الشيء الواحد مراراً . وحكى القرطبي عن ابن عمر : أن التوكيد هو أن يحلف مرتين ، فإن حلف واحدة فلا كفارة عليه { إِنَّ الله يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ } فيجازيكم بحسب ذلك ، إن خيراً فخير ، وإن شرّاً فشرّ ، وفيه ترغيب وترهيب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.