النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَأَوۡفُواْ بِعَهۡدِ ٱللَّهِ إِذَا عَٰهَدتُّمۡ وَلَا تَنقُضُواْ ٱلۡأَيۡمَٰنَ بَعۡدَ تَوۡكِيدِهَا وَقَدۡ جَعَلۡتُمُ ٱللَّهَ عَلَيۡكُمۡ كَفِيلًاۚ إِنَّ ٱللَّهَ يَعۡلَمُ مَا تَفۡعَلُونَ} (91)

قوله عز وجل : { وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم } ، يحتمل ثلاثة أوجه :

أحدها : أنه النذور .

الثاني : ما عاهد الله عليه من عهد في طاعة الله .

الثالث : أنه التزام أحكام الدين بعد الدخول فيه .

{ ولا تنقضوا الأيمان بَعْدَ توكيدها } ، يحتمل ثلاثة أوجه :

أحدها : لا تنقضوها بالامتناع بعد توكيدها بالالتزام .

الثاني : لا تنقضوها بالعذر بعد توكيدها بالوفاء .

الثالث : لا تنقضوها بالحنث بعد توكيدها بالِبرّ{[1757]} .

وفي هذه الآية ثلاثة أقاويل :

أحدها : أنها نزلت في بيعة النبي صلى الله عليه وسلم . الثاني : أنها نزلت في الحلف الذي كان في الجاهلية بين أهل الشرك ، فجاء الإسلام بالوفاء به .

الثالث : أنها نزلت في كل عقد يمين عقده الإنسان على نفسه مختاراً ، يجب عليه الوفاء به ، ما لم تدع ضرورة إلى حله{[1758]} .

وقول النبي صلى الله عليه وسلم : " فليأت الذي هو خير " محمول على الضرورة دون المباح . وأهل الحجاز يقولون : وكّدت هذه اليمين توكيداً ، وأهل نجد يقولون : أكدتها تأكيداً .


[1757]:سقط من ق.
[1758]:حله: هكذا في الأصول، ولعل الصواب حنثه.