البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَإِنَّ ٱللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمۡ فَٱعۡبُدُوهُۚ هَٰذَا صِرَٰطٞ مُّسۡتَقِيمٞ} (36)

وقرأ الجمهور { وإن الله } بكسر الهمزة على الاستئناف .

وقرأ أُبي بالكسر دون واو ، وقرأ الحرميان وأبو عمرو { وإن } بالواو وفتح الهمزة ، وخرجه ابن عطية على أن يكون معطوفاً على قوله هذا { قول الحق } { وإن الله ربي } كذلك .

وخرجه الزمخشري على أن معناه ولأنه ربي وربكم فاعبدوه كقوله { وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً } انتهى .

وهذا قول الخليل وسيبويه وفي حرف أبي أيضاً ، وبأن { الله } بالواو وباء الجر أي بسبب ذلك فاعبدوه .

وأجاز الفراء في { وإن } يكون في موضع خفض معطوفاً على والزكاة ، أي { وأوصاني بالصلاة والزكاة } وبأن الله ربي وربكم انتهى .

وهذا في غاية البعد للفصل الكثير ، وأجاز الكسائي أن يكون في موضع رفع بمعنى الأمر { إن الله ربي وربكم } .

وحكى أبو عبيدة عن أبي عمرو بن العلاء أن يكون المعنى ، وقضى { إن الله ربي وربكم } فهي معطوفة على قوله { أمراً } من قوله { إذا قضى أمراً } والمعنى { إذا قضى أمراً } وقضى { إن الله } انتهى .

وهذا تخبيط في الإعراب لأنه إذا كان معطوفاً على { أمراً } كان في حيز الشرط ، وكونه تعالى ربنا لا يتقيد بالشرط وهذا يبعد أن يكون قاله أبو عمرو بن العلاء فإنه من الجلالة في علم النحو بالمكان الذي قل أن يوازنه أحد مع كونه عربياً ، ولعل ذلك من فهم أبي عبيدة فإنه يضعف في النحو والخطاب في قول { وربكم } قيل لمعاصري رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليهود والنصارى أمر الله تعالى أن يقول لهم { ذلك عيسى ابن مريم } أي قل لهم يا محمد هذا الكلام .

وقيل : الخطاب للذين خاطبهم عيسى بقوله { إني عبد الله } الآية وإن الله معطوف على الكتاب ، وقد قال وهب عهد عيسى إليهم { إن الله ربي وربكم } ومن كسر الهمزة عطف على قوله { إني عبد الله } فيكون محكياً .

يقال : وعلى هذا القول يكون قوله { ذلك عيسى ابن مريم } - إلى - { وإن الله } حمل اعتراض أخبر الله تعالى بها رسوله عليه السلام .

والإشارة بقوله { هذا } أي القول بالتوحيد ونفي الولد والصاحبة ، هو الطريق المستقيم الذي يفضي بقائله ومعتقده إلى النجاة .