قوله تعالى : { وَمَآ أَنفَقْتُمْ مِّن نَّفَقَةٍ } : كقولِهِ : { مَا نَنسَخْ } [ البقرة : 106 ]
{ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ } [ البقرة : 197 ] وقد تقدَّم تحقيقُ القولِ فيهما . وتقدَّم أيضاً مادة " نذر " في قوله : { أَأَنذَرْتَهُمْ } [ البقرة :6 ] ، إلاَّ أنَّ النَّذْرَ له خصوصيةٌ : وهو عقدُ الإِنسانِ ضميره على شيءٍ والتزامُهُ ، وفعلُهُ : نَذَرَ - بالفتح - ينذُرُ وينذِرُ : بالكسرِ والضَّمِّ في المضارع ، يُقال : نَذَرَ فهو ناذِرٌ ، قال عنترة :
1077 - الشاتِمَيْ عِرْضي ولَمْ أَشْتُمهما *** والناذِرين إذا لمَ ألقهما دَمي
وقولُه : { فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ } جوابُ الشرطِ إنْ كانَت " ما " شرطيةً ، أو زائدةٌ في الخبرِ إنْ كانَتْ موصولةً . ووحَّد الضميرَ في " يَعْلَمُهُ " وإنْ كان قد تقدَّم شيئان : النَّفقةُ والنَّذْرَ لأنَّ العطفَ هنا ب " أو " ، وهي لأحدِ الشيئين ، تقول : " إن جاء زيدٌ أو عمروٌ أكرمته " ، ولا يجوز : أكرمتهما ، بل يجوز أَنْ تراعيَ الأولَ نحو : " زيدٌ أو هندٌ منطلقٌ ، أو الثانيَ نحو : زيدٌ أو هندٌ منطلقة ، والآيةُ من هذا ، ولا يجوزُ أَنْ يُقالَ : منطلقان . ولهذا تَأوَّل النحْويون : { إِن يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقَيراً فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا } [ النساء : 135 ] كما سيأتي . ومن مراعاةِ الأولِ قولُهُ : { وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفَضُّواْ إِلَيْهَا } [ الجمعة : 11 ] ، وبهذا الذي قررته لا يُحتاجُ إلى تأويلاتٍ ذكرها المفسرون هنا : فرُوي عن النحاس أنه قال : " التقديرُ : وما أنفقتم من نفقةٍ فإن الله يعلَمُها ، أو نَذَرْتُم من نَذْرٍ فإنَّ الله يعلَمُهُ ، فَحُذِفَ ، ونظَّره بقوله :
{ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا }
نحنُ بما عندَنَا وأنت بما *** عندَكَ راضٍ والرأيُ مختلِفُ
رماني بأمرٍ كنت منه ووالدي *** بريئاً ومن أجل الطَوِيِّ رماني
وهذا لا يُحتاج إليه ؛ لأنَّ ذلك إنما هو في الواوِ المقتضيةِ للجَمْع بين الشيئين ، وأمَّا " أو " المقتضيةُ لأحدِ الشيئين فلا . وقال ابن عطية : " وَوَحَّدَ الضمير في " يَعْلَمُهُ " وقد ذَكَرَ شيئين من حيث إنه أراد ما ذَكَرَ أو ما نَصَّ ، ولا حاجَةَ إلى هذا أيضاً لِمَا عَرَفَتْ من حكم " أو " .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.