الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَتِلۡكَ نِعۡمَةٞ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنۡ عَبَّدتَّ بَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ} (22)

قوله : { وَتِلْكَ نِعْمَةٌ } : فيه وجهان أحدُهما : أنه خبرٌ على سبيلِ التهكُّمِ أي : إن كانَ ثَمَّ نعمةُ فليسَتْ إلاَّ أنَّك جَعَلْتَ قومي عبيداً لك . وقيل : حرفُ الاستفهام محذوفٌ لفهمِ المعنى أي : أو تلك وهذا مذهب الأخفش ، وجَعَلَ مِنْ ذلك قولَ الشاعر :

أفرحُ أَنْ أُرْزَأَ الكرامَ . . . . . . . . . . *** . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وقد تقدَّم هذا مشبعاً في سورة النساء عند قوله تعالى : { وَمَآ أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ } [ الآية : 79 ] وفي غيرِه .

قوله : { أَنْ عَبَّدتَّ } فيه أوجهٌ ، أحدُها : أنها في محلِّ رفعٍ عطفَ بيان ل " تلك " ، كقوله : { وَقَضَيْنَآ إِلَيْهِ ذَلِكَ الأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلآءِ مَقْطُوعٌ }

[ الحجر : 66 ] . الثاني : أنها في محلِّ نصبٍ مفعولاً مِنْ أجلِه . والثالثَ : أنها بدلٌ من " نعمةٌ " . الرابع : أنها بدلٌ من " ها " في " تَمُنُّها " . الخامس : أنها مجرورةٌ بباءٍ مقدرةٍ أي : بأَن عَبَّدْت . السادس : أنها خبرُ مبتدأ مضمرٍ أي : هي . السابعُ : أنها منصوبةٌ بإضمار أعني . والجملة مِنْ " تَمُنُّها " صفةٌ لنعمة . و " تُمُنُّ " يتعدَّى بالباء فقيل : هي محذوفةٌ أي : تمُنُّ بها ، وقيل : ضَمَّنَ " تَمُنُّ " معنى تَذْكُرُ .