لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{وَتِلۡكَ نِعۡمَةٞ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنۡ عَبَّدتَّ بَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ} (22)

{ وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل } أي اتخذتهم عبيداً قيل : عدها موسى نعمة منه عليه حيث رباه لم يقتله كما قتل ولدان بني إسرائيل ، ولم يستعبده كما استعبد بني إسرائيل فيكون معنى الآية ، وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل وتركتني فلم تستعبدني ، وقيل هو على طريق الإنكار ومعنى الآية أو تلك نعمة على طريق الاستفهام ، فحذف الألف كما قال عمر بن عبد الله بن ربيعة :

لم أنس يوم الرحيل وقفتها *** وطرفها من دموعها غرق

وقولها والركاب واقفة *** تتركني هكذا وتنطلق

أي أتتركني ، والمعنى أتمن علي أن ربيتني ، وتنسى جنايتك على بني إسرائيل بالاستعباد والمعاملات القبيحة أو يريد كيف تمن علي بالتربية ، وقد استعبدت قومي ومن أهين قومه فقد ذل فتعبد بني إسرائيل قد أحبط حسناتك إلي ، ولو لم تستعبدهم ولم تقتل أولادهم لم أرفع إليك حتى تربيني وتكلفني ، ولكان لي من أهلي من يربيني ولم يلقوني في اليم .