مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَتِلۡكَ نِعۡمَةٞ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنۡ عَبَّدتَّ بَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ} (22)

{ وتلك نعمةٌ تمنّها عليّ أن عبّدتّ بني إسرائيل } كر على امتنانه عليه بالتربية فأبطله من أصله وأبى أن تسمى نعمة لأنها نقمة حيث بين أن حقيقة إنعامه عليه تعبيد بني إسرائيل لأن تعبيدهم وقصدهم بذبح أبنائهم هو السبب في حصوله عنده وتربيته ، ولو تركهم لرباه أبواه فكأن فرعون امتن على موسى بتعبيد قومه وإخراجه من حجر أبويه إذا حققت وتعبيدهم تذليلهم واتخاذهم عبيداً . ووحد الضمير في { تمنها } و { عبدت } وجمع في { منكم } و { خفتكم } لأن الخوف والفرار لم يكونا منه وحده ولكن منه ومن ملئه المؤتمرين بقتله بدليل قوله { إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك } [ القصص : 20 ] . وأما الامتنان فمنه وحده وكذا التعبيد . وتلك { إشارة } إلى خصلة شنعاء مبهمة لا يدري ما هي إلا بتفسيرها ، ومحل { أن عبدت } الرفع عطف بيان لتلك أي تعبيدك بني إسرائيل نعمة تمنها علي .