ولما اجتمع في كلام فرعون منّ وتعيير ، بدأه بجوابه عن التعيير ولأنه الأخير فكان أقرب ولأنه أهم ، وهو معنى ما تقدم من أنه على طريقة النشر المشوش بأن يبدأ بالأخير قبل الأوّل ، ولهذا كرّ على امتنانه عليه بالتربية فأبطله من أصله موبخاً له مبكتاً منكراً عليه غير أنه حذف حرف الإنكار إجمالاً في القول وإحساناً في الخطاب وأبى أن تسمى نعمته إلا نقمة بقوله : { وتلك } أي : التربية الشنيعة العظيمة في الشناعة التي ذكرتنيها { نعمة تمنها عليّ أن عبدت } أي : تعبيدك وتذليلك قومي { بني إسرائيل } أي : جعلتهم عبيداً ظلماً وعدواناً وهم أبناء الأنبياء ولسلفهم يوسف عليه السلام عليكم من المنة بإحياء نفوسكم أولاً وعتق رقابكم ثانياً ، ما لا تقدرون له على جزاء أصلاً ثم ما كفاك ذلك حتى فعلت ما لم يفعله مستعبد فأمرت بقتل أبناءهم فكان ذلك سبب وقوعي إليك لأسلم من ظلمك ، ولو لم تفعل ذلك لكفلني أهلي ولم يلقوني في اليمّ فكيف تمن عليّ بذلك ؟ وقيل : معناه إنك تدعي أن بني إسرائيل عبيدك ولا منة للمولى على العبد في تربيته . وقال الحسن : إنك استعبدت بني إسرائيل فأخذت أموالهم وأنفقت منها عليّ فلا نعمة لك بالتربية . وقيل : إنّ الذي تولى تربيتي هم الذين استعبدتهم فلا منة لك عليّ لأنّ التربية كانت من قبل أمي ومن قومي ، ليس لك إلا مجرد الاسم وهذا ما يعد إنعاماً .
فإن قيل : لم جمع الضمير في منكم وخفتكم مع إفراده في تمنها وعبدت ؟ أجيب : بأن الخوف والفرار لم يكونا منه وحده ولكن منه ومن ملئه المؤتمرين بقتله ، كما مرّت الإشارة إليه بدليل قوله تعالى : { إنّ الملأ يأتمرون بك ليقتلوك } ( القصص : 20 ) وأما الامتنان فمنه وحده وكذلك التعبيد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.