النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَتِلۡكَ نِعۡمَةٞ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنۡ عَبَّدتَّ بَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ} (22)

قوله عز وجل : { وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمْنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ } فيه أربعة أوجه :

أحدها : معناه أن اتخاذك بني إسرائيل عبيداً قد أحبط نعمتك التي تمن عليّ ، وهذا قول عليّ بن عيسى .

والثاني : معناه أنك لما ظلمت بني إسرائيل ولم تظلمني ، أعددت ذلك نعمة تمنّ بها عليّ ؟ قاله الفراء .

والثالث : أنه لم تكن لفرعون على موسى نعمة لأن الذي رباه بنو إسرائيل بأمر فرعون لاستعباده لهم ، فأبطل موسى نعمته لبطلان استرقاقه .

والرابع : أن فرعون أنفق على موسى في تربيته من أموال بني إسرائيل التي أخذها من أكسابهم حين استعبدهم ، فأبطل موسى النعمة وأسقط المنة لأنها أموال بني إٍسرائيل لا أموال فرعون ، وهذا معنى قول الحسن .

وفي التعبيد وجهان :

أحدهما : أنه الحبس والإِذلال ، حكاه أبان بن تغلب .

الثاني : أنه الاسترقاق ، فالتعبيد الاسترقاق ، سمي بذلك لما فيه من الإِذلال ، مأخوذ من قولهم طريق معبد ، ومنه قول طرفة بن العبد :

تبارى عناقاً ناجيات وأتبعت *** وظيفاً وظيفا فوق مورٍ مُعَبّدِ

أي طريق مذلل .