قوله تعالى : { أَوْ يَتُوبَ } : في نصبِه أوجهٌ ، أحدها : أنه معطوفٌ على الأفعالِ المنصوبةِ قبلَه تقديرُه : ليقطعَ أو يكبِتَهم أو يتوبَ عليهم أو يعذِّبَهم ، وعلى هذا فيكونُ قولُه " ليس لك من الأمرِ شيءٌ " جملةً اعتراضيةً بين المتعاطِفَيْنِ ، والمعنى : أنَّ الله تعالى هو المالِكُ لأمرهم ، فإنْ شاء قطع طرفاً منهم أو هزمهم ، أو يتوبَ عليهم إن أسلموا ورَجعوا ، أو يعذبهم إن تمادَوا على كفرهم ، وإلى هذا التخريجِ ذهب جماعة من النحاة كالفراء والزجاج .
والثاني : أن " أو " هنا بمعنى " إلاَّ أَنْ " كقولِهم : " لألزَمَنَّك أو تقضِيَني حقي " أي : إلاَّ أَنْ تقضيني .
الثالث : [ أنّ ] " أو " بمعنى " حتى " أي : ليس لك من الأمر شيء حتى يتوبَ . وعلى هذين القولين فالكلامُ متصلٌ بقولِه : " ليس لك من الأمر شيء " والمعنى :/ ليس لك من الأمر شيء إلاَّ أَنْ يتوب عليهم بالإِسلامِ فيحصُل لك سرورٌ بهدايتِهم إليه أو يعذبهم بقتلٍ أو نارٍ في الآخرةِ . فيتَشَفَّى بهم . ومِمَّنْ ذهب إلى ذلك الفراء وأبو بكر ابن الأنباري . قال الفراء : " ومثلُ هذا الكلامِ : " لأُذَمَّنَّك أو تعطيَني " على معنى : إلا أَنْ تعطيَني ، وحتى تعطيني . وأنشد ابن الأنباري في ذلك قول امرىء القيس :
فقلتُ له لاَ تبْكِ عينُك إنَّما *** تحاولُ مُلْكَاً أو تموتَ فَتُعْذَرا
أراد : حتى تموتَ ، أو : إلاَّ أن تموتَ " قلت : وفي تقديره بيتَ امرىء القيس ب " حتى " نظرٌ ، إذ ليس المعنى عليه ؛ لأنه لم يفعلْ ذلك لأجلِ هذه الغايةِ والنحويون لم يقدِّروه إلا بمعنى " إلاَّ " .
الثالث : أنه منصوبٌ بإضمار " أَنْ " عطفاً على قوله : " الأمر " كأنه قيل : " ليس لك من الأمرِ أو من تَوْبته عليهم أو تعذيبِهم شيءٌ " ، فلمَّا كان في تأويلِ الاسم عُطفِ على الاسمِ قبلَه فهو من باب قولِه :
ولولا رجالٌ من رِزامٍ أعِزَّةً *** وآلُ سُبَيْعٍ أو أَسُوْءَكَ علقما
لَلُبْسُ عباءةٍ وتقرَّ عيني *** أَحَبُّ إليَّ مِنْ لُبْسِ الشُّفوف
الرابع : أنه معطوفٌ بالتأويلِ المذكور على " شيء " والتقدير : ليس لك من الأمرِ من شيءٌ أو توبةُ اللهِ عليهم أو تعذيبُهم أي : ليس لك أيضاً توبتُهم ولا تعذيبُهم ، إنما ذلك راجعٌ إلى الله تعالى .
وقرأ أُبَيّ : " أو يتوبُ ، أو يعذِّبُهم " برفعهما على الاستئناف في جملةٍ اسميةٍ أضمر مبتدَؤُها أي : أو هو يتوبُ ويعذِّبُهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.