قوله تعالى : { مِن قَبْلِكُمْ } : يجوزُ أَنْ يتعلَّقَ ب " خَلَتْ " ويجوزُ أَنْ يتعلَّق بمحذوفٍ على أنه حالٌ من " سنن " ؛ لأنه في الأصلِ يجوز أَنْ يكونَ وصفاً فلمَّا قُدِّم نُصِبَ حالاً .
والسُّنَنُ : جمع " سُنَّة " وهي الطريقةُ التي يكونُ عليها الإِنسانُ ويلازِمُها ، ومنه " سنة الأنبياء " عليهم السلام . قال خالد الهذلي لخاله أبي ذؤيب :
فلا تَجْزَعَنْ مِنْ سُنَّةٍ أنت سِرْتَها *** فَأَوَّلُ راضٍ سُنَّةً مَنْ يَسيرُها
وإنَّ الأُلَى بالطَّفِّ مِنْ آلِ هاشمٍ *** تَأَسَّوا فَسَنُّوا للكرامِ التآسِيا
مِنْ أمةٍ سَنَّتْ لهم آباؤُهم *** ولكلِّ قومٍ سُنَّةٌ وإمامُها
وقال المفضل : " السُّنَّةُ الأُمَّة " ، وأنشد :
ما عايَنَ الناسُ مِنْ فضلٍ كفضلكمُ *** ولا رُئِيْ مثلُه في سائِرِ السُّنَنِ
ولا دليلَ فيه لاحتمالِه . وقال الخليل : " سَنَّ الشيءَ بمعنى صَوَّره " . ومنه :
{ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ } [ الحجر : 26 ] أي : مُصَوَّر . وقيل : سَنَّ الماءَ والدرع إذا صَبَّهما ، وقوله : { مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ } يجوزُ أَنْ يكونَ منه ، ولكنَّ نسبةَ الصبِّ إلى الطين بعيدةٌ . وقيل " مَسْنون " أي متغير . قال بعض أهل اللغة : " هي فُعْلَة من سَنَّ الماءَ يَسُنُّه إذا والى صَبَّه . والسَّنُّ : صَبُّ الماءِ والعرق ونحوهما ، وأنشدَ لزهيرٍ :
نُعَوِّدها الطِّرادَ فكلَّ يومٍ *** تُسَنُّ على سنابِكها القُرونُ
أي : يُصَبُّ عليها العرقُ . وقيل : سُنَّة : فُعْلَة بمعنى مفعول كالغُرْفَة والأُكْلَة . وقيل : اشتقاقُها من سَنَنْتُ النَّصْلَ أَسُنُّه سَنَّاً إذا حَدَدْتَه ، والمعنى أن الطريقة الحسنة معتنىً بها كما يُعْتنى بالنصل ونحوه . وقيل : مِنْ سَنَّ الإِبلَ : أذا أحسن رَعْيَها . والمعنى : أَنَّ صاحبَ السنة يقومُ على أصحابهِ كما يقومُ الراعي على إبلِه ، وقد مَضَى مِنْ ذلك جملةٌ صالحةٌ في البقرة .
وقوله : { فَسِيرُواْ } جملةٌ معطوفةٌ على ما قبلَها . والتسبيبُ في هذه الألفاظِ ظاهرٌ أي : سَبَبُ الأمرِ بالسير لينظُروا نَظَرَ اعتبارٍ خُلُوُّ مَنْ قبلكم من الأمم وطرائقهم . وقال أَبو البقاء : " ودَخَلَتِ الفاء في " فسيروا " / لأنَّ المعنى على الشرطِ أي : إن شَكَكْتُم فسيروا .
قوله : { كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ } " كيف " خبرٌ مقدم واجبُ التقديم ؛ لتضمُّنِه معنى الاستفهامِ وهو مُعَلِّقٌ ل " انظروا " قبلَه ، فالجملةُ في محل نصبٍ بعد إسقاطِ الخافضِ إذ الأصل : انظروا في كذا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.