الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَلَا تَهِنُواْ وَلَا تَحۡزَنُواْ وَأَنتُمُ ٱلۡأَعۡلَوۡنَ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ} (139)

قوله تعالى : { وَلاَ تَهِنُوا } : الأصلُ : " تَوْهِنُوا " فَحُذِفَتِ الواوُ لوقوعها بين ياءٍ وكسرةٍ في الأصلِ ، ثم أُجْرِيَتْ حروفُ المضارعةِ مُجْراها في ذلك . ويقال : وَهَنَ بالفتح في الماضي يَهِن بالكسر في المضارع . ونُقِل أنه يقال : وَهُن وَوهِن بضم الهاء وكسرِها في الماضي . وَوَهَن يُسْتعمل لازماً ومتعدياً تقول : وَهَن زيدٌ أي : ضَعُفَ ، قال تعالى : { وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي } [ مريم : 4 ] ووهَنْتُه أي : أَضْعَفْتُه . ومنه الحديثُ : " وهَنَتْهُم حُمَّى يثرب " والمصدرُ على الوَهَن والوَهْنِ ، بفتح العين وبسكونِها . وقال زهير :

1438 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . *** فأصبحَ الحبلُ مِنْها واهِناً خَلَقَا

أي : ضعيفاً .

قوله : { وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ } جملةٌ حاليةٌ من فاعل " تَهِنوا " أو " تحزنوا " والاستئنافُ فيها غيرُ ظاهرٍ . والأَعْلَوْن : جمعُ أَعْلى والأصل : أَعْلَيُون فتحرَّكت الفاءُ وانفتح ما قبلَها فَقُلِبت ألفاً فَحُذِفَتْ لالتقاءِ الساكنين وبقيت الفتحة لتدلَّ عليها ، وإنْ شئت قلت : استُثْقِلَتْ الضمةُ على الياء فَحُذِفت فالتقى ساكنان أيضاً الياء والواو ، فَحُذِفت الياء لالتقاء الساكنين ، وإنما احتِجْنا إلى ذلك لأنَّ واوَ الجمعِ لا يكونُ ما قبلها إلاَّ مضموماً لفظاً أو تقديراً ، وهذا مثالُ التقديرِ . قولُه : { إِنْ كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ } جوابُه محذوفٌ أي : فلا تَهِنُوا ولا تحَْزَنوا .