نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِكُمۡ سُنَنٞ فَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَٱنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلۡمُكَذِّبِينَ} (137)

ولما فرغ من بيان الزلل الذي وقع لهم به الخلل ، والترهيب مما يوقع فيه ، والترغيب فيما ينجى منه في تلك الأساليب التي هي أحلى من رائق الزلال ولذيذ الوصال بعد طول المطال أخذ يشجعهم{[19234]} على الجهاد لذوي الفساد{[19235]} ، فبدأ بالسبب الأقوى ، وهو الأمر بمشاهدة مصارع من مضى من المكذبين برؤية ديارهم وتتبع آثارهم مع أنهم كانوا أشد خلقاً وأقوى همماً وأكثر عدداً وأحكم عدداً ، فقال تعالى معللاً للأمر بالمسارعة إلى المغفرة : { قد خلت } ولما كان العلم بالقريب في الزمان والمكان أتم ، وكان الذين وقعت فيهم السنن جميع أهل الأرض ، ولا في جميع الزمان ، أثبت الجار فقال : { من قبلكم } أي فلا تظنوا بما أملى لهم بهذه الإدالة{[19236]} أن نعمته انقطعت عنهم { سنن } أي وقائع سنها الله في القرون الماضية والأمم الخالية في المؤمنين والمكذبين ، وأحوال وطرائق كانت للفريقين ، فتأسوا بالمؤمنين وتوقعوا لأعدائكم مثل{[19237]} ما للمكذبين ، فانظروا وأنعموا{[19238]} التأمل في أحوال الفريقين وإن لم يحصل ذلك إلا بالسير{[19239]} في الكد والتعب الشديد { فسيروا في الأرض } أي للاتعاظ بأحوال تلك الأمم برؤية آثارهم لتضموا{[19240]} الخير إلى الخير ، وتعتبروا{[19241]} من العين بالأثر ، وتقرنوا بين النقل والنظر ، ولما كان الرجوع عن الهفوة واجباً على الفور عقب بالفاء قوله : { فانظروا } أي نظر{[19242]} اعتبار ، ونبه على عظمة المنظور فيه بأنه أهل لأن يستفهم عنه لأنه خرج عن العوائد فتعاظم إشكاله فقال : { كيف كان عاقبة } أي آخر أمر { المكذبين * } .


[19234]:في ظ: بسجهم.
[19235]:في ظ: العناد.
[19236]:في ظ: الادلة.
[19237]:سقط من ظ.
[19238]:في ظ: أمعنوا.
[19239]:من ظ، وفي الأصل: باليسير.
[19240]:في ظ: لتضمنوا.
[19241]:في ظ: يعتبروا.
[19242]:زيد بعده في ظ: أي.