الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَا مُوسَى ٱلۡكِتَٰبَ فَلَا تَكُن فِي مِرۡيَةٖ مِّن لِّقَآئِهِۦۖ وَجَعَلۡنَٰهُ هُدٗى لِّبَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ} (23)

قوله : { فِي مِرْيَةٍ } : قرأ الحسنُ بالضمِّ وهي لغةٌ .

قوله : " مِنْ لقائِه " في الهاءِ أقوالٌ ، أحدُها : أنها عائدةٌ على موسى . والمصدرُ مضافٌ لمفعولِه أي : مِنْ لقائِك موسى ليلةَ الإِسراء . وامتحن المبردُ الزجَّاج في هذه المسألةِ فأجابه بما ذُكر . الثاني : أنَّ الضميرَ يعودُ على الكتاب . وحينئذٍ يجوزُ أن تكونَ الإِضافةُ للفاعلِ أي : من لقاءِ الكتاب لموسى ، أو المفعولِ أي : مِنْ لقاءِ موسى الكتاب ؛ لأنَّ اللقاءَ تَصِحُّ نسبتُه إلى كلٍ منهما . الثالث : أنه يعودُ على الكتاب ، على حَذْفِ مضاف أي : من لقاءِ مثل كتابِ موسى . الرابع : أنه عائدٌ على مَلَكَ الموتِ لتقدُّم ذِكْره . الخامس : عَوْدُه على الرجوعِ المفهومِ مِن الرجوع في قوله : { إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ } أي : لا تَكُ في مِرْيةٍ مِنْ لقاء الرجوع . السادس : أنه يعودُ على ما يُفهَمُ مِنْ سياقِ الكلام ممَّا ابْتُلِي به موسى مِن البلاء والامتحان . قاله الحسن أي : لا بُدَّ أنَ تَلْقَى ما لَقِيَ موسى من قومه . وهذه أقوالٌ بعيدة ذكرْتُها للتنبيه على ضَعْفها . وأظهرُها : أنَّ الضميرَ : إمَّا لموسى ، وإما للكتاب . أي : لا تَرْتَبْ في أنَّ موسى لقي الكتابَ وأُنْزِلَ عليه .