قوله : { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الكتاب } لما قرر الأصول الثلاثة عاد إلى الأمثل الذي بدأ به وهو الرسالة المذكورة في قوله : { لِتُنذِرَ قَوْماً مَّا أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ } وقال : إنَّكَ لَسْتَ بدْعاً مِنَ الرُّسُلِ بل كان قبلك رسلٌ مثلُك ، وذكر موسى لقربه ( من ){[42917]} النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ووجود من كان على دينه إلزاماً لهم ، وإنما لم يختر عيسى - عليه ( الصلاة و ){[42918]} السلام ( للذكر ){[42919]} والاستدلال لأن اليهود ما كانوا يوافقون على نبوّته ، وأما النصارى فكانوا يعترفون بنُبُوَّة عيسى{[42920]} عليه السلام فتمسك بالمجمع عليه{[42921]} .
قوله : { فَلاَ تَكُنْ فِي مَرْيَةٍ } قرأ الحسن{[42922]} بالضم وهي لُغَةٌ ، وقوله : «مِنْ لِقَائِهِ » في الهاء أقوال :
أحدها : أنها عائدة على «مُوسَى » والمصدر مضاف لمفعوله أي من لقائِكَ مُوسى ليلةَ الإسراء . وامْتَحَنَ المبردُ الزجاجَ في هذه المسألة فأجاب بما ذكر ، قال ابن عباس وغيره : المعنى فلا تكن في شَكٍّ من لقاء موسى فإنك تراه وتلقاه{[42923]} ، روى ابن عباس «عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : رَأَيْتُ لَيْلَةَ أُسري{[42924]} بي مُوسىَ{[42925]} رَجُلاً آدَمَ{[42926]} طُوالاً جَعْداً{[42927]} كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ ، وَرَأَيْتُ عِيسَى رَجُلاً مَرْبُوعاً{[42928]} إلى الحُمرةِ والبَيَاض سَبْط{[42929]} الرأس ، ورأيتَ مالِكاً خَازِنَ النَّارِ والدَّجَّال في آيات أَراهَنَي اللَّهُ إيَّاهُ » .
والثاني : أن الضمير يعود على «الكتاب » وحينئذ يجوز أن تكون الإضافة للفاعل أي من لقاء الكتاب لموسى{[42930]} أو للمفعول أي من لقاء موسى{[42931]} الكتاب لأن اللقاءَ يصح نسبته إلى كل منهما ، لأن من لقيك فقد لقيته .
قال السدي المعنى فلا تكن في مِرْيَةٍ من لقائه أي تلقى موسى كتاب الله بالرضا والقبول{[42932]} .
الثالث : أي يعود{[42933]} على الكتاب على حذف مضاف أي من لقاء مثل كتاب موسى{[42934]} .
الرابع : أنه عائد{[42935]} على ملك الموت لتقدم ذكره .
الخامس : عوده{[42936]} على الرجوع المفهوم من قوله : { إلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ } أي لأنك في مرية من لقاء الرجوع .
السادس : أنه يعود{[42937]} على ما يفهم من سياق الكلام مِمَّا ابتلي به موسى من البلاء والامْتِحَان ، قاله الحسن{[42938]} . أي لا بدّ أن يلقى ما لقي موسى من قومه فاختار موسى عليه السلام لحكمة وهي أن أحداً من الأنبياء لم يؤذِهِ من قومه إلا الذين لم يؤمنوا ، وأما الذين آمنوا به فلم يخالفوه غير قوم موسى عليه السلام فإن من لا آمن به آذاه كفرعون ( وغيره ){[42939]} ومن آمن به من بني إسرائيل أيضاً ( آذاه ){[42940]} بالمخالفة وطلب أشياء مثل رؤية الله جهرة وكقولهم : { اذهب أَنتَ وَرَبُّكَ فقاتلا } . وأظهر هذه الأقوال أن الضمير إما لموسى وإما للكتاب ،
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.