الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَا مُوسَى ٱلۡكِتَٰبَ فَلَا تَكُن فِي مِرۡيَةٖ مِّن لِّقَآئِهِۦۖ وَجَعَلۡنَٰهُ هُدٗى لِّبَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ} (23)

ثم قال تعالى [ ذكره ] {[55183]} : { ولقد آتينا موسى الكتاب } أي {[55184]} التوراة .

{ فلا تكن في مرية من لقائه } أي : في شك من أنك لقيته أو تلقاه ليلة الإسراء ، قاله قتادة {[55185]} .

وبذلك أتى الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم {[55186]} أنه لقيه ليلة الإسراء روى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم {[55187]}/ قال : " أريت ليلة أسري [ بي ] {[55188]} موسى بن عمران رجلا آدم {[55189]}طوالا {[55190]} جعدا {[55191]} ، كأنه من رجال شنوءة {[55192]} ، ورأيت عيسى رجلا مربوع {[55193]} الخلق ، إلى الحمرة والبياض سبط الرأس {[55194]} ورأيت مالكا [ خازن ] {[55195]} النار والدجال {[55196]} . فالهاء لموسى وقيل : الهاء عائدة على الكتاب {[55197]} .

والتقدير : فلا تكن في شك من تلقي موسى الكتاب بالقبول ، وتكون المخاطبة على القول الأول للنبي خاصة ، وعلى القول الثاني لجميع الناس .

وعن الحسن أنه قال في معناه : ولقد آتينا موسى الكتاب ، فأوذي وكذب فلا تكن في شك يا محمد من أنه سيلقاك مثل ما لقيه موسى من التكذيب والأذى .

فالهاء عائدة على معنى محذوف كأنه قال : من لقاء ما لاقى {[55198]} ، والمخاطبة على هذا للنبي صلى الله عليه وسلم {[55199]} خاصة .

ويجوز أن يكون هذا خطابا للشاك في إتيان الله موسى الكتاب ، وقيل : في الكلام تقديم وتأخير ، والهاء في { لقائه } تعود على الرجوع إلى الآخرة والبعث ، والتقدير : قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون ، { فلا تكن في مرية من لقائه } {[55200]} أي : من لقاء البعث والرجوع إلى الحياة بعد الموت فهو خطاب للنبي عليه السلام {[55201]} ، والمراد به من ينكر البعث .

وقوله : { فلا تكن في مرية من لقائه } كلام اعترض بين كلامين .

ثم قال بعد ذلك : { وجعلناه هدى لبني إسرائيل } .

أي : الكتاب جعله الله هاديا لهم {[55202]} ، من الضلالة إلى الهدى .

وقال قتادة : { وجعلناه } أي : جعلنا موسى هدى لهم {[55203]} .


[55183]:ساقط من ج
[55184]:أ: "أي في"
[55185]:انظر: جامع البيان 21/112، والجامع للقرطبي 14/108، وتفسير ابن كثير 3/464
[55186]:ج "عليه السلام"
[55187]:ساقط من ج
[55188]:مثبت في طرة ج
[55189]:الأدمة من الإبل: البياض مع سواد في المقلتين ، وهي في الناس السمرة الشديدة وقيل هو من أدمة الأرض وهو لونها، وبه سمي آدم عليه السلام. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر 1/32، ومفردات الراغب 14، ومادة "أدم" في اللسان 12/10 والقاموس المحيط 4/47
[55190]:الطوال: البليغ في الطول، والطوال أبلغ منه، وقيل هو مفرط الطول. انظر: الفائق في غريب الحديث 1/31
[55191]:الجعد في صفات الرجال يكون مدحا وذما، فالمدح معناه أن يكون شديد الأسر والخلق، أو يكون جعد الشعر، وهو ضد السبط لأن السبوطة أكثرها في شعور العجم. وأما الذم فهو القصير المتردد الخلق، وقد يطلق على البخيل أيضا (والمقصود في الحديث هنا المدح) انظر: النهاية في غريب الحديث 1/275
[55192]:شنوءة: بطن من الأزد من القحطانية يقال لهم: أزد شنوءة انظر: نهاية الأرب للقلقشندي 308 ومعجم قبائل العرب 2/614
[55193]:المربوع: هو الرجل بين الطويل والقصير، انظر: النهاية في غريب الحديث 4/274، ومادة "ربع" في اللسان 8/107، والقاموس المحيط 3/25 والتاج 5/338
[55194]:السبط من الشعر: المنبسط المسترسل انظر: النهاية في غريب الحديث 2/334
[55195]:مثبت في طرة "ج"
[55196]:أخرجه البخاري في صحيحه كتاب الأنبياء 4/84 ومسلم في صحيحه: كتاب الإيمان باب الإسراء 1/105 وأحمد في مسنده 1/342، وأورده الطبري في جامع البيان 21/113 وابن كثير في تفسيره 3/464، والسيوطي في الدر المنثور 6/556
[55197]:انظر: مشكل الإعراب لمكي 2/569 والبيان لابن الأنباري 2/260 والتبيان للعكبري 2/1050
[55198]:انظر: الجامع للقرطبي 14/108، وفتح القدير 4/256
[55199]:ساقط من ج
[55200]:انظر: الجامع للقرطبي 14/109
[55201]:ساقط من ج
[55202]:في الأصل: له
[55203]:انظر: جامع البيان 21/112، والدر المنثور 6/55