في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب  
{وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَا مُوسَى ٱلۡكِتَٰبَ فَلَا تَكُن فِي مِرۡيَةٖ مِّن لِّقَآئِهِۦۖ وَجَعَلۡنَٰهُ هُدٗى لِّبَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ} (23)

وتنتهي تلك الجولة مع مصائر المجرمين والصالحين ، وعواقب المؤمنين والفاسقين ، ومشاهد هؤلاء وهؤلاء في اليوم الذي يشكون فيه ويستريبون . ثم يأخذ سياق السورة في جولة جديدة مع موسى وقومه ورسالته . جولة مختصرة لا تزيد على إشارة إلى كتاب موسى - عليه السلام - الذي جعله الله هدى لبني إسرائيل ؛ كما جعل القرآن كتاب محمد [ صلى الله عليه وسلم ] هدى للمؤمنين . وإلى التقاء صاحب القرآن مع صاحب التوراة على الأصل الواحد والعقيدة الثابتة . وإلى اصطفاء الصابرين الموقنين من قوم موسى ليكونوا أئمة لقومهم إيحاء للمسلمين في ذلك الحين بالصبر واليقين ، وبيانا للصفة التي تستحق بها الإمامة في الأرض والتمكين :

( ولقد آتينا موسى الكتاب - فلا تكن في مرية من لقائه وجعلناه هدى لبني إسرائيل . وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون . إن ربك هو يفصل بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون ) . .

وتفسير هذه العبارة المعترضة : ( فلا تكن في مرية من لقائه )على معنى تثبيت الرسول صلى الله عليه وسلم على الحق الذي جاء به ؛ وتقرير أنه الحق الواحد الثابت الذي جاء به موسى في كتابه ؛ والذي يلتقي عليه الرسولان ويلتقي عليه الكتابان . . هذا التفسير أرجح عندي مما أورده بعض المفسرين من أنها إشارة إلى لقاء النبي [ صلى الله عليه وسلم ] لموسى عليه السلام في ليلة الإسراء والمعراج .