تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَا مُوسَى ٱلۡكِتَٰبَ فَلَا تَكُن فِي مِرۡيَةٖ مِّن لِّقَآئِهِۦۖ وَجَعَلۡنَٰهُ هُدٗى لِّبَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ} (23)

{ ولقد ءاتينا موسى الكتاب فلا تكن في مرية من لقائه وجعلناه هدى لبني إسرائيل( 23 ) وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون( 24 ) إن ربك هو يفصل بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون( 25 ) }

المفردات :

الكتاب : التوراة .

في مرية : في شك .

من لقائه : من لقائك الكتاب مثله كما قال تعالى : وإنك لتلقى القرآن من لدن حكيم عليم . ( النمل : 6 ) . وقيل : المقصود : من لقاء موسى الكتاب أو من لقاء محمد موسى وقد التقيا ليلة الإسراء والمعراج .

التفسير :

{ ولقد آتينا موسى الكتاب فلا تكن في مرية من لقائه وجعلناه هدى لبني إسرائيل }

إنزال الكتب شأن إلهي وكذلك إرسال الرسل فلست يا محمد بدعا من الرسل فقد أرسلنا موسى بن عمران رسولا ، وأنزلنا عليه التوراة كتابا كما أرسلناك يا محمد وأنزلنا عليك القرآن فلا تكن في شك من الوحي المنزل عليك .

قال القاسمي :

والمعنى : إنا آتينا موسى مثل ما آتيناك من الكتاب ولقيناه من الوحي مثل لقيناك فلا تكن في شك من أنك لقيت مثله .

ونهيه صلى الله عليه وسلم عن الشك المقصود به نهي أمته والتعريض بمن صدر عنه الشك في القرآن الكريم .

وقيل : معنى الآية : آتينا موسى التوراة فلا تكن في مرية من لقاء موسى ليلة الإسراء والمعراج فقد لقيه النبي صلى الله عليه وسلم وتناقش معه وفي صحيح البخاري : " ولقيت في السماء السادسة موسى ونعم الصاحب كان لكم " .

لكن الزمخشري في تفسير الكشاف رجح الرأي الأول حيث قال : والضمير في : " لقائه لموسى ومعناه : إنا آتينا موسى عليه السلام مثل ما آتيناك من الكتاب ولقيناه مثل ما لقيناك من الوحي فلا تكن في شك من أنك لقيت مثله ولقيت نظيره كقوله تعالى : { فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسئل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك . . . } ( يونس : 94 ) .

ورجح صاحب الظلال هذا الرأي حيث قال :

وتفسير هذا العبارة المعترضة فلا تكن في مرية من لقائه . . على معنى تثبيت الرسول صلى الله عليه وسلم على الحق الذي جاء به ، وتقرير أنه الحق الواحد الثابت الذي جاء به موسى في كتابه والذي يلتقي عليه الرسولان ويلتقي عليه الكتابان هذا التفسير أرجح عندي مما أورده بعض المفسرين من أنها إشارة إلى لقاء النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة الإسراء والمعراج فإن اللقاء على الحق الثابت والعقيدة الواحدة هو الذي يستحق الذكر والذي ينسلك في سياق التثبيت على ما يلقاه النبي صلى الله عليه وسلم من التكذيب والإعراض ويلقاه المسلمون من الشدة واللأواء وكذلك هو الذي يتسق مع ما جاء بعده في الآية : وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون للإيحاء للقلة المسلمة يومذاك في مكة ، أن تصبر كما صبر المختارون من بني إسرائيل وتوقن كما أيقنوا ليكون منهم أئمة المسلمين كما كان أولئك أئمة لبني إسرائيل ولتقرير طريق الإمامة والقيادة وهو الصبر واليقين أه .

وقال الألوسي :

{ ولقد آتينا موسى الكتاب } أي : جنس الكتاب .

{ فلا تكن في مرية } أي : شك من لقائه أي من لقائك ذلك الجنس .

{ وجعلناه هدى لبني إسرائيل } أي : وجعلنا الكتاب الذي أنزل على موسى وهو التوراة هداية لبني إسرائيل إلى طريق الحق والصواب .