قوله تعالى { ولقد آتينا موسى الكتاب } أي التوراة { فلا تكن في مرية } أي في شك { من لقائه } أي من لقاء موسى ليلة المعراج ، قاله ابن عباس ( ق ) عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال « رأيت ليلة أسري بي موسى رجلاً آدم طوالاً جعداً كأنه من رجال شنوءة ورأيت عيسى رجلاً مربوعاً مربوع الخلق إلى الحمرة وإلى البياض سبط الشعر ، ورأيت مالكاً خازن النار ، والدجال في آيات أراهن الله إياه فلا تكن في مرية من لقائه » ( م ) عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «أتيت على موسى ليلة المعراج ليلة أسري بي عند الكثيب الأحمر وهو قائم يصلي في قبره » . فإن قلت قد صح في حديث المعراج أنه رآه في السماء السادسة عند مراجعته في الصلوات فكيف الجمع بين هذين الحديثين . قلت يحتمل أن تكون رؤيته في قبره عند الكثيب الأحمر ، كان قبل صعوده إلى السماء وذلك في طريقه إلى بيت المقدس ، ثم لما صعد إلى السماء السادسة وجده هناك قد سبقه لما يريد الله عز وجل وهو على كل شيء قدير . فإن قلت كيف تصح منه الصلاة في قبره وهو ميت وقد سقط عنه التكليف وهو في دار الآخرة وليست دار عمل . وكذلك رأى النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من الأنبياء وهم يحجون فما الجواب عن هذا ؟ قلت يجاب عنه بأجوبة أحدها : أن الأنبياء كالشهداء بل هم أفضل منهم والشهداء أحياء عند ربهم يرزقون ، فلا يبعد أن يحجوا أو يصلوا كما صح في الحديث وأن يتقربوا إلى الله بما استطاعوا وإن كانوا قد ماتوا لأنهم بمنزلة الأحياء في هذه الدار التي هي دار العمل ، إلى أن تفنى ثم يرحلون إلى دار الجزاء التي هي الجنة . الجواب الثاني : أنه صلى الله عليه وسلم رأى حالهم الذي كانوا عليه في حياتهم ومثلوا له كيف كانوا وكيف كان حجهم وصلاتهم . الجواب الثالث : أن التكليف وإن ارتفع عنهم في الآخرة لكن الذكر والشكر والدعاء لا يرتفع ، قال الله تعالى { دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام } وقال صلى الله عليه وسلم « يلهمون التسبيح كما يلهمون النفس » فالعبد يعبد ربه في الجنة أكثر مما كان يعبده في الدنيا وكيف لا يكون ذلك وقد صار حاله مثل حال الملائكة والذين قال الله في حقهم { يسبحون الليل والنهار لا يفترون } غاية ما في الباب أن العبادة ليست عليهم بتكليف بل هي على مقتضى الطبع والله أعلم ، وقيل في قوله { فلا تكن في مرية من لقائه } أي تلقى موسى كتاب الله بالرضا والقبول { وجعلناه } أي الكتاب { هدى لبني إسرائيل } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.