فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{إِذۡ أَرۡسَلۡنَآ إِلَيۡهِمُ ٱثۡنَيۡنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزۡنَا بِثَالِثٖ فَقَالُوٓاْ إِنَّآ إِلَيۡكُم مُّرۡسَلُونَ} (14)

{ إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ } لأن عيسى أرسلهم بأمر الله سبحانه ويجوز أن يكون أرسلهم الله بعد رفع عيسى إلى السماء من غير واسطة { فَكَذَّبُوهُمَا } في الرسالة ، وقيل ضربوهما وسجنوهما ، وقيل : واسم الاثنين : يوحنا وشمعون ، وقيل : أسماء الثلاثة صادق ومصدوق وشلوم ، قاله ابن جرير وغيره . وقيل : شمعان ويوحنا وبولس ، وقال وهب : اسمهما يحيى وبولس ، وقال كعب : صادق وصدوق .

{ فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ } قرئ بتشديد الزاي وتخفيفها . قال الجوهري : فعززنا يخفف ويشدد أي قوينا وشددنا فالقراءتان على هذا بمعنى ، وقيل : التخفيف بمعنى غلبنا وقهرنا ، ومنه { وعزني في الخطاب } ، والتشديد بمعنى قوينا وكثرنا ، قيل : وهذا الثالث هو شمعون ، وقيل غيره – عن ابن عباس قال : ( كان بين موسى بن عمران وبين عيسى بن مريم ألف سنة وتسعمائة سنة ، ولم تكن بينهما فترة وإنه أرسل بينهما ألف نبي من بني إسرائيل سوى من أرسل من غيرهم ، وكان بين ميلاد عيسى والنبي صلى الله عليه وسلم خمسمائة سنة وتسع وستون سنة ، بعث في أولها ثلاثة أنبياء .

وهو قوله : { إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث } والذي عزز به شمعون ، وكان من الحواريين وكانت الفترة التي لم يبعث الله فيها رسولا أربعمائة سنة وأربعا وثلاثين سنة{[1393]} أخرجه ابن سعد وابن عساكر .

{ فَقَالُوا : إِنَّا إِلَيْكُم مُّرْسَلُونَ } أي قال الثلاثة جميعا ؛ وجاؤوا بكلامهم هذا مؤكدا لسبق التكذيب للاثنين والتكذيب بهما تكذيب للثالث لأنهم أرسلوا جميعا بشيء واحد وهو الدعاء إلى الله عز وجل ، وهذه الجملة مستأنفة جواب سؤال مقدر كأنه قيل : ما قال هؤلاء الرسل بعد التعزيز لهم بثالث ؟ وكذلك جملة :


[1393]:زاد المسير 7/ 11.