قوله : { يَوْمَ الأَزِفَةِ } : يجوزُ أَنْ يكونَ مفعولاً به اتِّساعاً ، وأَنْ يكونَ ظرفاً ، والمفعولُ محذوفٌ . والآزِفَةُ : القريبةُ ، مِنْ أَزِفَ الشيءُ ، أي : قَرُبَ . قال النابغةُ :
3919 أَزِف التَّرَحُّلُ غيرَ أنَّ رِكابَنا *** لَمَّا تَزَلْ برِحالِنا وكأنْ قَدِ
3920 بان الشبابُ وهذا الشيبُ قد أَزِفا *** ولا أرَى لشبابٍ بائنٍ خلفا
وقال الراغب : " أَزِفَ وأَفِدَ يتقارَبان ، لكنَّ " أَزِفَ " يقال اعتباراً بضيقِ وقتِها . ويقال : أزِفَ الشُّخوصُ . والأَزَفُ : ضيقُ الوقت " ، قلت : فجَعَلَ بينهما فَرْقاً ، ويُرْوَى بيتُ النابغة : أَفِدَ الترحُّلُ . والآزِفَةُ : صفةٌ لمحذوفٍ ، فيجوز أَنْ يكونَ التقديرُ : الساعة الآزِفَةُ أو الطامَّةُ الآزِفة .
قوله : " إذ القلوبُ " بدْلٌ من يومِ الآزِفةِ ، أو مِنْ " هم " في " أَنْذِرْهُمْ " بدلُ اشتمالٍ .
قوله : " كاظِمين " نصبٌ على الحالِ . واختلفوا في صاحبها والعاملِ فيها . وقال الحوفي : " القلوبُ " مبتدأ . و " لدى الحناجِر " خبرُه ، و " كاظمين " حالٌ من الضميرِ المستكنِّ فيه " . قلت : ولا بُدَّ مِنْ جوابٍ عن جمعِ القلوبِ جمعَ مَنْ يَعْقِل : وهو أنْ يكونَ لَمَّا أَسْند إليهم ما يُسْنَدُ للعقلاءِ جُمِعَتْ جَمْعَه ، كقولِه : { رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ } [ يوسف : 4 ] ، { فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ } [ الشعراء : 4 ] . الثاني : أنها حالٌ من " القلوب " . وفيه السؤالُ والجوابُ المتقدِّمان . الثالث : أنه حالٌ من أصحاب القلوب . قال الزمخشري : " هو حالٌ مِنْ أصحاب القلوب على المعنى ؛ إذ المعنى : إذْ قلوبُهم لدى الحناجر كاظمين عليها " . قلت : فكأنَّه في قوةِ أنْ جَعَلَ أل عِوَضاً من الضمير في حناجرهم : الرابع : أَنْ يكونَ حالاً مِنْ " هم " في " أَنْذِرْهم " ، وتكونُ حالاً مقدرةً ؛ لأنهم وقتَ الإِنذارِ غيرُ كاظمين .
وقال ابن عطية : " كاظِمين حالٌ ممَّا أُبْدِلَ منه " إذ القلوب " أو ممَّا تُضاف القلوبُ إليه ؛ إذ المرادُ : إذ قلوبُ الناس لدى حناجرِهم ، وهذا كقولِه : { تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ } [ إبراهيم : 42 ] أراد : تَشْخَصُ فيه أبصارُهم " . قلت : ظاهرُ قولِه أنه حالٌ ممَّا أُبْدِل منه .
قوله : " إذ القلوبُ " مُشْكِلٌ ؛ لأنه أُبْدِل مِنْ قوله : " يومَ الآزِفَة " وهذا لا يَصِحُّ البتةَ ، وإنما يريد بذلك على الوجه الثاني : وهو أَنْ يكونَ بدلاً مِنْ " هم " في " أَنْذِرْهُمْ " بدلَ اشتمالٍ ، وحينئذ يَصِحُّ . وقد تقدَّم الكلامُ على الكَظْمِ ، والحناجر ، في آل عمران والأحزاب .
قوله : { وَلاَ شَفِيعٍ يُطَاعُ } " يُطاعُ " يجوزُ أَنْ يُحْكَمَ على موضعِه بالجرِّ نعتاً على اللفظِ ، وبالرفعِ نعتاً على المحلِّ ؛ لأنه معطوفٌ على المجرور بمِنْ المزيدةِ .
وقوله : { وَلاَ شَفِيعٍ يُطَاعُ } مِنْ باب :
3921 على لاحِبٍ لا يُهْتَدى بمَنارِه *** . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.