الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَجَعَلُواْ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةَ ٱلَّذِينَ هُمۡ عِبَٰدُ ٱلرَّحۡمَٰنِ إِنَٰثًاۚ أَشَهِدُواْ خَلۡقَهُمۡۚ سَتُكۡتَبُ شَهَٰدَتُهُمۡ وَيُسۡـَٔلُونَ} (19)

قوله : { عِبَادُ الرَّحْمَنِ } : قرأ نافع وابن كثير وابن عامر " عند الرحمن " ظرفاً . والباقون " عبادَ " جمع عَبْد ، والرسمُ يحتملهما . وقرأ الأعمش كذلك إلاَّ أنه نصبَ " عبادَ " على إضمارِ فعلٍ : الذين هم خُلِقوا عباداً ونحوِه . وقرأ عبدُ الله وكذلك هي في مصحفه " الملائكةَ عبادَ الرحمن " . وأُبَيٌّ وعبد الرحمن/ بالإِفراد . و " إناثاً " هو المفعولُ الثاني للجَعْلِ بمعنى الاعتقادِ أو التصيير القولي . وقرأ زيدُ بنُ علي " أُنُثا " جمعَ الجمع .

قوله : " أشَهِدُوا " قرأ نافعٌ بهمزةٍ مفتوحة ، ثم بأخرى مضمومةٍ مُسَهلةٍ بينها وبين الواو وسكونِ الشينِ . وقرأ قالون بالمدِّ يعني بإدخال ألفٍ بين الهمزتين والقصرِ ، يعني بعدمِ الألف . والباقون بفتح الشين بعد همزة واحدة . فنافع أدخل همزةَ التوبيخ على أُشْهِدوا [ فعلاً ] رباعياً مبنيَّاً للمفعول ، فسَهَّلَ همزتَه الثانيةَ ، وأدخل ألفاً بينهما كراهةً لاجتماعهما ، وتارة لم يُدْخِلْها ، اكتفاءً بتسهيل الثانية ، وهي أوجهُ . والباقون أدخلوا همزةَ الإِنكار على " شهدوا " ثلاثياً ، والشهادةُ هنا الحضورُ . ولم يَنْقُلِ الشيخُ عن نافع تسهيلَ الثانيةِ بل نَقَله عن علي بن أبي طالب .

وقرأ الزهريُّ " أُشْهِدُوا " رباعياً مبنياً للمفعول . وفيه وجهان ، أحدُهما : أَنْ يكونَ حَذَفَ الهمزةَ لدلالةِ القراءةِ الأخرى ، كما تقدَّم في قراءةِ " أعجميٌّ " . والثاني : أَنْ تكونَ الجملةُ خبريةً وقعَتْ صفةً ل " إناثاً " أي : أجعلوهم إناثاً مَشْهوداً خَلْقُهم كذلك ؟

قوله : " سَتُكْتَبُ شهادتُهم " قرأ العامَّةُ " سَتُكْتَبُ " بالتاءِ مِنْ فوقُ مبنياً للمفعول ، " شهادتُهم " بالرفع لقيامه مَقامَ الفاعل . وقرأ الحسن " شهاداتُهم " بالجمع ، والزهري : " سَيَكتب " بالياء مِنْ تحت وهو في الباقي كالعامَّة . وابن عباس وزيد بن علي وأبو جعفر وأبو حيوةَ " سنكتبُ " بالنون للعظمة ، " شهادتَهم " بالنصب مفعولاً به .